أين وجد الوجود ؟؟وأين تشكل الفراغ الذي احتواه ؟! ..بقلم:عبدالحميد كرم

·

·

, ,
كان حديثنا في المقال السابق قد عرض أن الله كان موجودا ولا شيئ سواه , حتي الفراغ ..و توقفنا عند سؤال:- إن كان الفراغ الذي خُلق فيه الكون حادثا ولم يكن موجودا مع الله فأين وجد الفراغ هذا الذي خلق الله الكون بداخله ؟ 

دعنا نقرب المسأله أكثر بحيث نقيم تجربة بسيطة يستطيع طالب علم في الثانوية أن يبرهن صحتها .
دعنا نزيح الفراغ تماما من الكون بأكمله , دعنا نسحب الفراغ من بين الكواكب فإنها ستلتصق بعضها ببعض .مثل زجاجة مياة تم سحب الهواء من داخلها فانها تلتصق وينكمش حجمها  ..صحيح ؟ .
 دعنا الآن نسحب من الكون كله الفراغات بين مكوناته .. فانه سيصير جزئا واحدا ضخما جدا .

وبعد ذالك دعنا نسحب الفراغ من بين الذرات المكونة لهذا الجزء الكبير جدا . من المعلوم أن اغلب تكوين الذرة فراغ .. حتي أن ذرات البشر جميعا بدون الفراغات لاتساوي حجم تفاحة صغيرة .. 

 تري بعد سحب الفراغ من الكون كله حتى من الذرات أنفسها  .ماذا عسانا أن نري ؟؟
سنري جزئا صغيرا جدا ولكن وزنه وزن الكون بأكمله ..
و هنا السؤال بعد أن أعدنا الكون لنقطة البداية وهي الهيولي أو علي حد تعبير نظرية الإنفجار العظيم “الدقيقة الأولي ” .
حتى بعد اعادة العالم إلي الدقيقة الأولي فإنها مازالت بحاجه إلي حيز حتى وان كان حيز يصغر الذرة بآلاف المرات ..
دعنا نتعمق أكثر خلف تلك الدقيقة ونقول قبل أن تخلق الدقيقة من قبل الله هل كان هناك حيز ؟؟ بالتأكيد لا لان الحيز لايوجد الا لشيء ما له ثقل وحجم .
وإن كان موجود ثمة حيز قائما بذاته فانه بالتأكيد يكون شيء .. واذا كان شيئا فبالتالي هو حادثا وطالما انه حادثا دعنا نفترض عدم وجوده بعد ..
عزيزي إن ما كان موجودا قبل الدقيقة الأولي وقبل الحيز الأول هو الله فقط لا حيز معه أو حوله أو خارجه ..
إذا لا وجود لحيز لا وجود لفراغ أو “للاشيء ” في هذه المرحلة تري الآن اين وجد الوجود ؟؟ اين وجود الحيز الذي حوي الدقيقة الأولي ؟؟
بالتأكيد أصبح الأمر واضحا الآن وهو أن اللاشئ أصلا إنما وجود بطريقة ما في داخل الموجود الأول  ليس خارجا عنه حيث في البداية لم يكن ثمة فراغ مع الله لكي يتواجد فيه شيء .. إن الوجود المتناهي خلق وخلق الحيز الخاص به داخل اللاتناهي لأنه ما من أي فراغ أو حيز مع الموجود الغير متناهي وهو الله  ..
 إن ذالك الوجود المتناهي عزيزي يبدو أنه جزء من الموجود الامتناهي  …….وحقا 
“إن الله بكل شيء محيط ” إحاطة علم وإحاطة وجود ..

فهل وجد الفراغ والوجود بأكمله داخل اللاتناهي ؟!! لك الحق في البحث عن صحة تلك الفرضية .وأخيرا هذا لايعني قولنا بوحدة الوجود البتة , فلم نقل أن الكون والله واحدا وإنما قولنا أن اللامتناهي الأعظم قد كان ولا شيئ معه, حتي الفراغ ذاته لم يكن موجودا إنما اوجده الله داخل نطاق قوته الغير محدودة . فهناك اتصال دائم بين الله والكون وهناك انفصال دائم بينهما أيضا من حيث اختلاف التكوين وقوة التناهي واللاتناهي .
.. فنجد الاتصال الدائم بسبب كون الوجود كله موجودا داخل تلك القوة اللامتناهية ,ونجد انفصالا دائما بسبب أن الكون منفصل عن ذات الله , كما الكوب يحوي الماء .. فلا يصير الكوب ماء ولا تصير المياه زجاجا …تحياتي

 عبدالحميد كرم