علم الكلام

·

·

, ,
علم الكلام

بقلم : عبدالحميد كرم

ت النشر : 26/2/2020

علم الكلام 

 إن علم الكلام من أهم العلوم لدي الحضارة الإسلامية , ويعتبر علم الكلام من أوائل العلوم التي عرفها وأنتجتها الفلسفة الإسلامية. 

علم الكلام والفلسفة.

يعتبر علم الكلام باكورة عقلية من بواكير التفكير الفلسفي لدي المسلمين , وهو من العلوم الإسلامية التي اشتغل بها المسلمون منذ فجر اشتغالهم بالعلم .  وتتضح علاقة علم الكلام بالفلسفة من خلال تعريفات الفلاسفة لعلم الكلام حيث نري الفارابي يعرف علم الكلام بأنه : صناعة الكلام يقتدر بها الإنسان علي نصرة الآراء والأفعال المحدودة التي صرح بها واضع المله (الله ) , وتزييف كل ما خالفها بالأقاويل . ومن أجل تحقيق هذا المعني لعلم الكلام فلابد من الإنخراط بالفلسفة في الحقيقة حيث أن بيان حجج نصرة أقوال الإسلام , وأيضا بيان حجج تزييف ما خالفه من تشريعات وآراء  تعتمد في الحقيقة علي المنطق والتفكير الفلسفي , لأن إقامة الحجج دون إستعمال المنطق أو التفكير الفلسفي لا قيمة لها .

تعريف علم الكلام 

هناك العديد من التعريفات الواردة لعلم الكلام سنذكر أشهرها .. أولا تعريف الإيجي لعلم الكلام في كتابه المواقف يقول ( علم يقتدر معه علي إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه ).

ويفهم من هذا التعريف أن العقائد تؤخذ أساسا من الشرع لعيتد بها ولا تؤخذ من علم الكلام , وإنما ثمرة هذا العلم إثباتها علي الغير وإلزامه بها بإيراد الحجج ودفع الشبهات , والمراد بالعقائد في نظر الإيجي ما يقصد به الإعتقاد دون العمل , والدينية هنا أي المنسوبة إلي دين محمد عليه السلام .

وبإختصار فإن علم الكلام له مقاصد محدده وهي :

  • توضيح العقائد الدينية .
  • إثبات العقائد علي الغير والدفاع عنها . 
  • دحض شبهات الخصوم . 
  • إبطال العقائد المخالفة واظهار خطأها . 

موضوعات علم الكلام 

ينقسم علم الكلام من حيث موضوعاته الي قسمين رئيسين , قسم جليل الكلام وقسم دقيق الكلام .
 أما عن فقسم جليل الكلام فهذا فيه الموضوعات التالية :

  1. توضيح العقائد الدينية الإسلامية . 
  2. مجادلة المخالفين للعقائد الإسلامية .
  3. الإمامة .

أما قسم دقيق الكلام فيجتوي علي الموضوعات التالية :

  1. المقدمات العقلية التي لابد منها لكي نتمكن من إثبات العقيدة والتدليل عليها .
  2.  المعرفة ووسائلها . 
  3. الأدلة وأنواعها . 

وهنا نلاحظ أن علماء الكلام لم يكتفو بطرح موضوعات علمهم فقط بل أيضا انشغلوا بتكوين المنطق الذي يستخدمونه في هذا العلم .

مسميات علم الكلام 

لعلمك الكلام الكثير من المسميات التي وردت علي لسان علمائه ولسان المؤرخين نذكر أهما : 

  • الفقة الأكبر
  • علم التوحيد 
  • أصول الدين 
  • علم الكلام 

ولكن الذي شاع بين المسلمين هو تسمية علم الكلام , وذالك لأن أهم قضية ناقشها علم الكلام كانت مسألة كلام الله هل هو مخلوق أو قديم . تلك القضية التي كانت نتيجتها المحنه التي مر بها الإمام احمد بن حنبل وأتباعه , لرفضهم الإقرار بخلق القرآن وثباتهم علي القول يأن القرآن كلام الله وكلام الله قديم وغير مخلوق .

وأيضا إشتهر هذا المسمي لأن كل ما تركة المتكلمون الأوائل من مصنفات كانت تبدأ بعنوان (الكلام في مسألة كذا ).

فوائد دراسة علم الكلام 

  1. إن دراسة علم الكلام تقوي الإيمان وتجعل الشخص لا يؤمن فقط لأنه مؤمن بل يستطيع أن يقيم الحجج علي إيمانه هذا . 
  2. يجعل الشخص قادر علي إرشاد غيره من من لايعرف عن العقيدة الإسلامية أو من من يتسائل عن قوتها وصحتها . 
  3. كما يجعل الشخص قادرا علي مجادلة الخصوم من اصحاب العقائد المختلفة وإيضاح صحة العقيدة الإسلامية . 
  4. يمكن الشخص الدارس له من قدرة الدفاع عن دينه ضدد الشبهات التي تثار ضدده. 

نشأة علم الكلام 

في الحقيقة إن علم الكلام نشأ في ظل أصعب ظروف الحضارة الإسلامية , حيث كانت نشأته مع نشأت الخلافات الكبري بين المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين , وظهور فرقة الخوارج والشعية , حيث حينها بدأ الخلاف حول أصول الدين وأخذت هوته تتسع أكثر وأكثر حتي ظهرت فرق عديدة أخري . وفي الحقيقة إن كل تلك الأحداث المؤسفه التي عاشها المسلمون في ظل الفتنه الكبري وخروج الجماعات والفرق أدت الي ظهور قضية محيرة جعلت من العلماء متكلمون وهي قضية الجبر والإختيار . 

  • الجبر والإختيار :

الأمويين كان يظلمون ويرتكبون الجرائم ويسفكون الدماء وينهبون الأموال ويبررون أفعالهم تلك بأنها مقدرة من الله علي الشعوب التي يحكمونها , ولايحق لتلك الشعوب الإعتراض علي هذا الظلم . حتي ذهب بعض المسلمين الي ابن عمر رضي الله عنهما وقالوا ( إن أناسا يزنون ويسرقون ويشربون الخمر ويقتلون النفس ثم يحتجون علينا ويقولون كان ذالك في علم الله فغضب ابن عمر وقال : سبحان الله , كان ذالك في علم الله ولم يكن علمه يحملهم علي المعاصي . ) 
ولما شاعت فكرة الجبر بين المسلمين تصدي جماعه من المسلمين لتلك الفكرة وكان في مقدمتهم معبد الجهني , فأعلن أنه لا قدر والأمر أنف . مثبتا بذالك حرية الإرادة المطلقة دون قيود . 
ولما تطرفت القدرية في فكرتها تصدد لهم الجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي رأي أن قول القدرية بحرية الإرادة ينتقص من القدرة الإلاهيه المطلقة . هكذا نشأت فرقة الجهمية والقدرية وكثر الكلام في مسائلهم . 

  • المعتزلة وتدوين علم الكلام 

تطور علم الكلام والجدل في العقائد الدينية عند ظهور فرقة المعتزلة , حيث ظهرت فرقة المعتزلة بعد ما اعتزل واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري , حيث خرج واصل بن عطاء بكلام جديد عن مرتكب الكبيرة , تلك القضية التي شاعت في ذالك الوقت حيث كان هناك من يقول بأن مرتكب الكبيره كافر , وهناك من يقول بأن مرتكب الكبيرة مؤمن , خرج واصل بن عطاء عن هذا وقال أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين فهو لامؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا , إنما هو فاسق وهي منزلة بين الكفر والإيمان .

وأسس واصل بن عطاء فرقة المعتزلة دلالة علي اعتزالهم للأراء المتواجدة في عصرهم , وأثرت تلك الفرقة بشكل كبير جدا في نشأة وتطور علم الكلام .
وقد بدأ التدوين في علم الكلام علي يد المعتزلة وقائدهم واصل بن عطاء , في اواخر عهد الأمويين . وقد ذكر المؤرخين لواصل كتبا كثيرة منها : 

  • كتاب المنزلة بين المنزلتين 
  • كتاب التوحيد والعدل 
  • كتاب معاني القران 

 تطور علم الكلام 

  • علم الكلام في العصر العباسي 

شهدت علم الكلام في العصر العباسي تطورا ملحوظا حيث كانت الكتابة في علم الكلام مدعومة من القادة والزعماء في الدولة العباسية , وما دفع قادة الدولة العباسية الي ذالك هي الحرب مع الفرس والحرب علي موجات الإلحاد آنذاك . حيث سارع المتكلمون في تأليف الكتب للرد علي الملاحدة , ومن أشهر الفرق في ذالك فرقة المعتزلة وتابعها الكثير مثل الباقلاني والجويني والغزالي من الأشاعره , والإمام جعفر الصادق وهشام بن الحكم من الشيعية الغمامية , وكثير غير هؤلاء .

كما إشتدت المنازعات والجدال بين المعتزلة والأشاعره في كثيرا من الأمور , الأمر الذي دفع كل فرقة الي محاججة الفرقة الأخري من ما أثري علم الكلام في ذالك الوقت , وكانت من اهم القضايا التي تناقش آن ذاك استعمال العقل , وحرية الإرادة وغيرها .

علم الكلام في العصر الحديث 

في القرن التاسع عشر ومن بعد بن تيمية وتلميذه بن القيم , حدث نوع من أنواع الركوض لهذا العلم الكبير , إلا أنه في العصر الحديث ظهر علم الكلام مرة أخري  علي يد محمد بن عبدالوهاب . ظهر الجدال مرة أخري وظهرت أفكارا جديدة غريبة نوعا ما وجديدة ربما علي الفكر الإسلامي .

مما دفع الكثير من العلماء المجددين من شيوخ الأزهر إلي الرد والمجادلة علي ما قدمته الوهابية , ظهر الإمام محمد عبده وظهرت معه حركة كلامية جديدة وغيره وغيرهخ من المتكلمين في العصر الحديث .

الفرق الكلامية الإسلامية 

المعتزلة 

المعتزلة هي أقدم الفرق الكلامية وأكثرها ميلا إلي إستخدام العقل , كان قائدها واصل بن عطاء الذي إعتزل مجلس الحسن البصري وأسس أراء جديدة في علم الكلام وخاصة في منزلة مرتكب الكبيرة .
إعتزل واصل بن عطاء جميع الأراء التي كانت في عصرة وأسس فرقة المعتزلة التي تمتاز بالنظره العقلانية لجميع إمور التوحيد والعقيدة .. وقد أصل واصل بن عطاء الي مذهب فرقته بأصول خمس نتعرف عليها فيما يلي : 

  •  إصول المعتزلة الخمس 

1- أصل العدل :

وهو أساس منهج المعتزلة , وفيه يعتمدون علي القول بمقدرة العقل علي التحسين والتقبيح , حيث يرون أن العقل قادرا علي معرفة الحسن والقبيح , وأن الله يحاسبنا جميعا يوم القيامة علي أفعالنا لأننا عندنا المقدرة علي التمييز بين ما هو خير وما هو شر فمن سلك الحسن بعقله فله الثواب ومن سلك القبيح بعقلة فله العقاب . علي أساس عادل . 

2- أصل التوحيد : 


وأصل التوحيد هنا لايقصد به عدم الإشراك بالله عزوجل عامة ولكن المقصود هنا قضية إنتشرت كثيرا في وقت المعتزلة وهي قضية الذات والصفات , هل صفات الله منفصلة عن ذاته أم أنها والذات واحدا لا ينفصل ؟
المعتزلة بكل وضوح رأوا التوحيد بين الذات والصفات وأن صفات الله لاتنفصل عن ذاته , فكان الأصل الثاني عندهم هو توحيد الذات والصفات . 


3- الوعد والوعيد :

من الأصلين السابقين نستخلص أن لله وعد بالجنة ووعيدا بالنار , والوعد والوعيد لابد علي الله أن ينفذهما إحقاقا لمبدأ العدل , وعل هذا ما جعلهم ينكرون الشفاعة وربما نتخدث عنها في مقال منفصل . 


4 – المنزلة بين المنزلتين :

وهو بمثابة دعوة لعدم وصف مرتكب الكبيرة بالمؤمن أو بالكافر , حيث أنه في منزلة بين المنزلتين . 

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

وهو مجرد حكم عملي ,رفعه المعتزله الي مرتبة العقائد وحاولوا الإلتزام به وتنفيذه داخل الدولة الإسلامية .

كما يوجد بخلاف المعتزلة الكثير من الفرق الكلامية مثل : 

  • الأشاعره 
  • الماتريدية 
  • الصوفية 
  • الشيعة 

المراجع :

  • ياسر البتانوني – مدخل الي دراسة الفلسفة الإسلامية 
  •  مركز آفاق للدراسات والبحوث- علم الكلام الجديد: قراءة أوليّة
  • عبد الهادي الفضلي، خلاصة علم الكلام