المهمة التربوية للرئيس الأول عند الفارابي

 الدكتور: حجاج خليل / جامعة ابن خلدون، تيارت

سيدرك الناظر في غاية التربية وموضوعها انها ليست مهمة سهلة  وليس من الامور البسيطة العرضية  التي يمكن ان يقوم بها اي كان من الناس، بل من الامور الشريفة التي تحقق بها انسانية  الإنسان ونظرا لنيل الغاية وجسامة المسؤولية فقد لزم احاطتها بكل الضمانات الضرورية وفي مقدمتها اسنادها للمؤهلين لها وعلى راسهم خاص الخاصة  الفيلسوف أو الرئيس الأول هو الفاضل الحق وليس الضابط للنفس فقط (1)،ما طبيعة المهمة التي اوكلها الفارابي للرئيس الأول؟

إن الذي تحصلت له بالفعل الفضائي النظرية والخلقية والفكرية، وكانت فيه عظيمة القوة، هوصاحب الطبائع الفائقة العضيمة، ولما كان ليس أي انسان اتفق تكون صناعته، وفضيلته الخلقية، وفضيلته الفكرية عظيمة القوة كانت “الفضيلة النظرية، والفضيلة الفكرية العظمى، والفضيلة الخلقية العظمى، وصناعة العملية العظمي، انما سبيلها ان تحصل فيمن اعد لها بطبع وهم ذو طبائع الفائقة العظيمة القوية  جدا” (2). الدين ستتخذ عندهم السلطة السياسية والأخلاقية منحي بيداغوجية  وعلى رأسهم الحكيم الذي من مهامه التدبير الافضل للمدينة باعتماد التعليم والتعليم والتأديب باللين دائما والإكراه عند الضرورة وبالعادة والتعود بحسب استعدادات المستهدف بها، وبحسب طبيعة الموضوع والغاية من التربية، لكل هذه الاعتبارات بين كيف أن الملك هو مؤدب الامم ومعلمها.

وكانت هده النتيجة المنطقية لحاصل المسار الذي اتبعه في الكتاب (تحصيل السعادة) لقد كان هدفه من فحص اجناس الفضائل كلا على حدا وتتميز بعضها عن بعض، وبيان منزلتها ودورها في تحصيل السعادة الحقة، وبيان الطبيعة العلاقات التى يمكن ان تنسج فيما بينها، ببيان أنه لن يبقى بعد ان تحصل بالفعل في الرئيس الاول أو الملك سوى ان يحققها هو في غيره، أي انه اذا حصلت هده وخاصة الرئيسة منها في انسان ما لن يبقي سوى أن تحصل الجزئية في الامم والمدن.  “وقد تبين كيف السبيل لإيجادها في الامم والمدن وما الطرق الملائمة لذلك  والمهمة الموكلة للدي حصلت له هده القوة العظيمة لإيجادها في الناس، أو تحصيل جزئياتها  في الامم والمدن بالقول أن تحصيلها يكون بطريقين “بتعليم والتأديب”3  وهو نفس النظام التربوي الذي يلزم أن يخضع له الخاصة، أي الذي يلزم أن تكون به الحكام والرؤساء الأوائل في المدينة.

 

قد بين الفارابي بالاستناد الى المبدأ بعدما تكتمل المعرفة، وتحصل الصنائع النظرية والعملية التامة والتصير صنائع تتعلم وفي استلهام تام لنظرية افلاطون في التربية، إن طريقة التعليم الخاصة العلوم النظرية ليس هو طريق تعليم  العامة وقد اقام دالك على أساس إختلاف البين بين ما بالطبع والعادة والاستعدادات في كل فئة على حدى إذا كانت التربية هي اساس تكوين الانسان سياسيا وأخلاقيا وما يلزم ان يكون عليه مدبر المدينة ومعلمها فان اول لحظة في تكوينه تحصيله للفضائل التي هي للعلوم النظرية وهي التي “إما أن يعلمها الائمة والملوك، وإما ان يعلمها من سبيله ان سيحتفظ العلوم النظرية والتعليم هدين بجهات واحدة بأعيانها (….) بأن يعرفوا أولا المقدمات الأول والعلوم الاولى في جنس جنس من اجناس العلوم النظرية، ثم  يعرف اصناف احوال المقدمات وأصناف ترتيبها (…) ويؤخذوا بتلك الاشياء التي ذكرت بعد يكون قد قومت نفوسهم قبل داك بالأشياء التي تراض بها انفس الاحداث اللدين مراتبهم بالطبع في الانسانية هذه لمرتبة، ويعودو استعمال الطرق المنطقية  كلها في العلوم النظرية، ويأخذوا بالتعلم  من صباهم على الترتيب الذي ذكره افلاطون مع سائر الاداب إلى أن يبلغ كل واحد منهم أشده، ثم يحصل الملوك منهم في مراتب رياسة رئاسة من الرئاسات الجزئية  ويترقون قليلا قليلا في مراتب الرئاسات الجزئية  الى ان يجعلوا في مرتبة الرياسة العظمى وهذا طريق التعلم الخاص”4.

 

لذالك لن يتعلم العلوم النظرية الى الاحداث التي قومت نفوسهم بالأشياء التي تراض بها أنفس هؤلاء وكانت مراتبهم في الانسانية بالطبع مراتب ممتازة، وهذا هو الذي يؤكد اهمية قدرات الطبيعية والأخلاقية لتلقى مستوى الرفيع من المعرفة والمتمثل في العلوم النظرية، وما تتبع دالك من استعمال للطرق المنطقية. ان الدين يختارون لتلقي العلوم  النظرية  هم (الخاصة) من الناس ومن بينهم يتكون الملوك بالطبع  خاصة الخاصة بالطبع والفطرة والاستعداد والذي سينظلون بنوع المعرفة والجهات التى تخص لهم بها، الي سدة الحكم، وهذا بين من  المقارنة التي عقدها الفارابي بين الفئتين “ولما كان أهل المدن منهم من هو خاصة ومنهم من هو عامة، كان العامة هم الذين يقتصرون أو الدين سبيلهم ان يقتصر بهم في معلوماتهم النظرية على ما يوجبه بادئ الرأي الشترك والخاصة هم الذين ليس يقتصرون في شيء من معلوماتهم النظرية على ما يوجبه بادئ الرأي المشترك بل يعتقدون ما يعتقدونه ويعلمون ما يعلمونه عن مقدمات تعاقبت غاية التعقب”، وتستعمل الطرق اقناعية التخيلية في تعليم العامة أو جمهور الأمم والمدن في مقابل الطرق البرهانية اليقينية التي تحصل بها المجهودات نفسها معقولة، والتي تستعمل في تعليم من سبيله ان تكون خاصيا فقط5 ، حيث لزم ان تكون اخص الخواص الرئيس الاول الدي كان قد نجح في إعداده العلمي وفي تجربته المتدرجة في الرياسات العلمية. فكان بنوع المعرفة التي لا يقتصر فيها على ما يوجبه بادئ الرأي المشترك اخص الخواص، والمؤهل لملكته وبماهيته لرئاسة الأولى هو مربي المدينة والأمم بين الفارابي طبيعة نعيمه وتأديبه أو منهجه في تعليمه وتأديبه للغير .

 

تتلخص الطريقة التي ينهجها في تعليم العلوم النظرية في اعتماده على نظره في طبيعة مواد التعليم وما تسمح من امكانات الاشغال عليها لملامتها لمؤهلات واستعدادات كل متعلم أو فئة من المتعلمين وإما باستعمال الطرق البرهانية أو الطرق الإقناعية وتوظيف ما تستلزمه  كل طريقة في لجوء الى البراهين المثالات والتخيلات من اجل بلوغ الغاية منها .

 

في هذا الاطار يقوم المربي الفيلسوف بعمل ابداعي باشتغاله على المعارف النظرية الحاصلة فيه بالبراهين  اليقينية وتحويلها الى مواد يلزم ملامتها بحسب ما يخص المستهدفين بها “وظاهر أن الملك الى ان يعود الى العلوم النظرية المعقولة التى قد حصلت معرفتها ببراهين يقينية، ويلتمس في كل واحد منها الطرق الاقناعية الممكنة فيها، ويتحرى في كل واحدة منها جميع ما يمكن فيه من طرق الاقناعية الممكنة فيها  ويتحري  في كل واحدة منها جميع ما يمكن فيه من الطرق الاقناعية، وذالك يمكنه بما له من القوة على الاقناع في شئ شئ من الأمور ولم يعد لى  ترك الامور بأعيانها فأخذ مثالاتها، وينبغي أن تجعل تلك المثالات تخيل الامور النظرية عند جميع الامم باشتراك ويجعل اللمثالات بما يمكن ان يوقع تصديق به بطرقة الاقناعية ويجتهد في كل دالك ان يجعلها مثالات مشتركة وبطرق اقناعية مشتركة بجميع الامم والمدن”6

 

وهذه هي العلة التي جعلت الفارابي يشدد نظرا لجسامة المسؤولية على انها لا يمكن ان تسند الى أي كان بل للذي تحصلت له اسباب العلم الحق بكل  ما يلزم معرفته فضلا على امتلاكه للفضائل الفكرية والخلقية والقوة على الاقناع والتخيل وتلام لملامتها للأشخاص وللفئات المختلفة وبحسب علاقاتها يبعضها البعض من حيث الانسجام والتكامل أو التناقض والصراع وبحسب الاستعدادات الخاصة بكل فئة فئة وبحسب شخص، وبحسب الزمان ومكان وتغيير الاحوال وهي نفسها الطرق التي قد يستعملها في الملوك المشاركين له أو المضادون  وفي الاعوان الذين يستعملهم من اجل تتميم غرضه وفي المستعملين  من طرف المضادين له وفي الفاضلين والمضادين له لدالك يستعمل كل ما بإمكانه من الأقويل لتغيير الاراء الملائمة الفاضلة والأفعال وتصحيحها بالإشغال بصفة عامة على سيكولوجيا مستهدفين من الناس سواء كانوا اهل فضائل او أهل رذائل وخسائس لهده الغاية كان تركيز الفارابي على ضرورة تعديل الاراء دلالة قوية لانه يمكن من خلال تعديل الافعال التى تصدر عنها يجعلها خبرة فاضلة ان مضمون هده الطرق هو جملة الافعال والأقاويل التى يكون المستهدف بها نفس الانسان وأفعاله هي الأقاويل التى تحدد حسب الموضوع، وبحسب امكانيات استعدادات المستهدفين بها وحسب اختلاف الزمان والمكان وهي التي يقوم بها الرئيس أو معاونيه ويرمون بها  تحقيق غرضه وهي طرق باعيانها التي يستعملها في الملوك المشاركون له والمضادون له وفي الفاضلين لهم فانه يستعمل فيما يخصه الاقويل تخشع من النفوس وتدل وفي المضادين الاقاويل تعز بها النفوس وتقسو وتعاف وأقاويل يناقض بها مخالفي تلك الأراء والأفعال بطرق الإقناعية والأقاويل تقبح ارائهم وأفعالهم وتظهر نكرها وشنعتها “ويستعمل في دالك من الاقاويل الصنفين جميعا اعني صنف الدي سبيله ان يستعمل حينا بحين يوم بيوم ولا يحفظ ولا يستدان مثلوا ويجعل في كل الكتابين والآراء والأفعال التى اليها دعوا والأقاويل التي يناقض بها ضاد تلك الراء والأفعال فتحصل للعلوم التي يؤدبون بها ثلاث رتب لكل علم منها قوم ستحفضه ممن له قوة على جودة استنباط ما لم يسرح له في الجنس الذي ستحفضه على القيام في نصرته ومناقضة ما يناقضه ومضادة وعلى جودة تعليم كل دالك ملتمسين في جميع ذلك تتميم غرض الرئيس الاول في الأمم والمدن”7

 

كما يلزم في الطريق الخاص بتعليم العامة العلوم النظرية ان يكون ملائم لها لطباع ومؤهلاتهم وان نجاح تحققه متوقف الخاص بتعليم العامة العلوم النظرية ان يكون ملائم لطباعهم ومؤهلاتهم وأن نجاح تحققه متوقف على جودة تعقل المعلم أو المربي ودرجة تحصيله للفظيلة الفكرية التي عليها يتوقف نجاح أو فشل مهمته فظلا على ضرورة اعتماده على صناعة الخطابة وقوة التخييل لبلوغ اهدافه وبالعمل على ملائمة التربية حسب المستهدف فردا كان أو جماعة أو أمة أو مدينة ولما كانت المواد تعليمها كثيرى ومتنوعة، وكانت اشخاص الانسان المستهدفة كثرة تغير أحوالها بحسب الزمان والمكان لزم أخذها بعين الاعتبار لكي تحقق الاهداف والأغراض منها “وذلك بان يعلموا الاشياء النظرية والأمور التي لا سبيل الي ان يعقلها الانسان الى بعد ان يعقل معلومات كثيرة جدا وهي المبادئ القصوى والمبادئ التى ليست هي جسمانية بطرق اقناعية وبطريق تخييل فان تلك ينبغي ان يفهم العامة  مثالاتها وتمكن في نفوسهم  بطريق الاقتناعات وتمييز ما ينبغي ان تعطاه امة أمة من ذلك وما سبيله ان يكون مشتركا لجميع الامم لجميع اهل كل مدينة، وما ينبغي أن تعطاه أمة دون امة أو مدينة دون مدينة، أو طائفة من اهل مدينة دون طائفة وهدة كلها سبيلها ان تميز بالفضيلة الفكرية الى أن تحصل لهم الفضائل النظرية”8، بالجهات الممكنة فيهم  وبحسب طباعهم وعاداتهم إلا أن جهات تحصيلهم للعلوم النظرية غير جهات تحصيلهم للفضائل والصناعات العملية، الان المستهدف في الانسان بالفضائل وبالصناعات العملية الافعال والعزائم، والمستهدف فيه بالنظرية الفكر أو العقل”9

 

لذلك، كان التأديب سبيلهم لتحصيل الفاضائل العلمية والصناعات العلمية، كما ميز الفارابي في التأديب بين طريقتين، قد يكون اما طوعا وإما كرها، اما باللين والإقناع وإما وبالإكراه وقد يستعمل كل صنف بحسب المستهدف بعملية التربية  وحسب طباعه ومؤهلاته، وهو تقسيم استند عنده الى تقسيم المستهدفين بفعل التأديب الى فئتين، واحدة تقبل النوع الاول المناسب لطباعها، وهي الفئة التي تنهض الى المعرفة من تلقاء ذاتها، والأخري لا تقبل سوى النوع الثاني الذي يناسبها لا تنهض الى المعرفة من تلقاء ذاتها، والأخرى لا تقبل سوى النوع الثاني الذي يناسبها لا تنهض الى المعرفة من تلقاء ذاتها بل تتعاصي على دلك وتتمتع لذلك، اذا كانت الغاية شريفة وهي تمكينهم من الفضائل والصناعات العملية، فقد اختلفت طرق تحققها من فئة الى أخرى  ومن شخص الى أخر وتظل النفس هي المستهدف الأول بالتربية “وإما الفضائل العملية والصناعات العملية، بأن يعودو افعالها ودلك بطريقتين، أحدهما بالأقاويل الاقناعية والأقاويل والانفعالية وسائر الاقاويل التي تمكن في النفس هذه الافعال والملكات تمكينا تاما حتى يصير نهوض عزائمهم نحو أفعالهم طوعا وتلك الممكنة بما اعطتها من استعمال الصنائع المنطقية وما يعود من استعمالها والطريق الاخر هو طريق الاكراه وتلك تستعمل مع المتمردين المتاعاصين من أهل المدن والأمم الدين ليسوا ينهضون لصواب طوعا من تلقاء انفسهم ولا بالاقويل وكدالك من تعصي منهم على تلقي العلوم النظرية التي تعاطها”10، ولتحقيق هده الغاية يلزم ضرورة تقسيم المستهدفين بأفعال التربية وتقسيم المربين الى في يرتبهم الرئيس حسب الغاية من التربية وموضوعها لذلك لزم ضرورة أن يكون من يستعملهم من المربين الذي يعملون تحت غمرته من الفضائل وأهل الصنائع في تأديب الأمم وأهل المدن طائفتين يستعمل طائفة من يتأدب منهم طوعا وتستعمل اخري في تأديب من سبيله ان يؤدب كرها وعلى مثال ما يوجد عليه الامر في أرباب المنازل والقوام بالصبيان والأحداث “ان الملك مآدب الامم ومعلمها ورب المنزل مآدب اهل المنزل ومعلمهم والقيم بالصباغين والأحداث هو مأدب الصبيان والأحداث ومعلمهم”11، دون مانع أن تأتي الطائفة الواحدة من المربين التأديب بنوعية وحسب المآدب وطبيعة الموضوع التديب “إن كل واحد من الفئتين تأدب بعض من تأدبه رفق والإقناع وقد تأدب بعضهم كرها فإن تأديبهم كرها وتأديبهم طوعا جميعا من الجل ماهية واحدة في اصناف الناس الدين يادبون ويقومون”12، ومن هنا تبرز من جديد المهمة الصعبة والسامية للرئيس الاول كما تبرز جسامة المهمة  التي على عاتقه بما هو مؤدب الأمم ومعلمها والمستمدة من فضيلته وصناعته بما هي اسمى الفضائل والصنائع على الاطلاق والتي تكمن اساسا في استعماله افعال فضائل دوي الفضائل والصناعات دوي الصنائع الجزئية ليصبح كل من تحت امرته من دوي الفضائل أدوات أو (آلات) يستعملهم لبلوغ غايته الفاضلة بعد ان يكون قد صرفهم حسب المهام المسدد لهم وحسب طبيعة المستهدفين بالتأديب وحسب نوعية الذي قد يكون طوعا وإكرها، كما يتفاضل التعليم والتأديب من حيث القوة والضعف بحسب الموضوع والغاية وطبيعة المواد والصنائع والأساليب المستعملة فيه وبه تتفاضل أشخاص وفئات مادبين وترتب حسب قوة ما لديهم من امكانيات في التربية أو ضعفا ودرجات ابداعهم في دالك وحسب الصنائع التي تتفاضل هي الاخرى من الادنى قوة  الى اعظمها والتي ليست سوى صناعة الملك ومآدب الامم ومعلمها.

 

لذلك قال في الملك قياسا على فعل ارباب المنازل والقيمين بالصبيان وإحداث “انما يتفاضلا في القمة الكثرة وهي عظم القوة وصغرها وعلى قدر عظم قوة تأديب الامم ويتفاضل في تقويمهم على قوة تأديب صبيان والأحداث تأديب ارباب المنازل لأهل المنازل كدالك عظم قوة المقومين والمؤدبين الدين هم الملوك ومن يستعمل وما يستعمل في تأديب الامم والمدن وانه يحتاج من المهن التي بها يكون التأديب بها طوعا الي اعظمها قوة ومن التي يؤدب بها كرها الى اعظمها قوة وتلك من الماهية الجزئية وهي القوة على جودة التدبير في قوة الجيوش مثلا و استعمال آلات الحرب والناس الحربين في مغالبة الامم والمدن الدين لا يتعادون لفعل ينالون به السعادة التي لأجل لبلوغها كون الإنسان” 13

 

بين الفارابي أن مقياس قوة الملك تكمن اساس في الجهة التي سيستعمل بها منهم تحت امرته في تأديب الطوع او الاكره ولذلك يلزمه اختيار اعظم المؤدبين قوة من مهنهم توظيف النخبة المؤهلة لدلك يلزم الملك تدوين ما سبيله أو يحفظ ويستدم ملكه مكتوبا من الاراء والأفعال التي ستتخذ ستر لتعليم والتربية ومرشدا للمعلمين والمتأدبين في اداء مهامهم على الوجه الاكمل للحفاظ عليها من الضياع ومن اجل تفادي الانزلاق التى قد تحصل نتيجة غياب النصوص الرسمية ستحصل بفعل الرئيس الأول ومعاونيه وحصول التربية بالمواصفات المطلوبة الوحدة الفكرية والأخلاقية والمذهبية والسياسية للاجتماع المدني الفاضل بين المواطنين جميعا على رغم من اختلاف مراتبهم بحسب الفضيلة الفكرية  التي في كل واحد منهم.

 

-هوامش المقال:

 

1)- أبو نصر الفارابي، “تحصيل السعادة”، المكتبة الفرانكوفونية، القاهرة، 1995،  أنظر الفرق بين الفاضل والحق والضابط للنفس في فصول منتزعة، ص 34

 

2)- تحصيل السعادة، ص 77

 

3)- المصدر نفسه، ص ص 77- 78

 

4)– تحصيل السعادة، هو تعليم متدرج بالجهة التى حددها بدقة في (التنبيه على سبيل السعادة ) بالبداية من المنطق ف علوم التعالي ثم باقي العلوم الاخرى وتقوم انفسهم بالأمور التي تراضي بها انفس الأحداث والتي في مراتبهم بطبع ويعود استعمال المنطقية في للعلوم النظرية بان يعرفوا مقدمات الاولى وأصناف المقدمات ومبادئ العلوم وبهده التربية سيرتبون في الرئسات مراتب من الجزئية الى الرئاسة العظمي، ص 78- 79.

 

5)- آمن الفارابي مثل الافلاطوني بارستقراطية المعرفة وبناها على اساس تقسيم المجتمع الى خاصة وعامة وخاصة الخاصة راجع تحصيل السعادة ص 86

 

6 )- المصدر نفسه، ص ص 86 – 87 – 88

 

7) – المصدر نفسه، ص ص 81 – 82

 

8 )- تحصيل السعادة، ص ص 82- 83

 

9)- تحصيل السعادة، ص 79

 

10)- وهو المعيار نفسه المعتمد في التميز بين العلوم النظرية والعلوم العملية

11)- تحصيل السعادة، ص ص 79 – 80

12)- يلزم في المؤهلين لتعليم وتأديب وهم ( الدين يستعملون في تأديب الأمم وأهل المدن طوعا من اهل الفضائل والصنائع المنطقية  ان يحذوا حذو فعل الرئيس الاول أو الملك،  ليس قصد الفارابي في تشبيه وظيفة الملك في التأديب في وظيفة رب المنزل أو المعلم بالطبع قد ما يشاهده اليوم من دعوة لديمقراطية في البيت أو المدرسة الحديثة بل قصده مرهون النظام وضبط في جميع المؤسسات، ص 08

13) المصدر نفسه، ص80

14)- تحصيل السعادة، ص80

15)- المصدر نفسه، ص 81