موقع صوت العقل يقدم للزوار هذا البحث الفلسفي الشامل عن الفلسفة الوجودية , كل ما يجب أن يعرفه المثقف عن تلك الفلسفة يجده في هذا البحث , قراءة ممتعه 

  • العنوان :  الوجودية
  • الكاتب :  بواسطة الأفندي، سعيد بن أحمد بن علي
  • المصدر :  مجلة مركز البحوث والدراسات الإسلامية , مج 8, ع 30
  • الناشر:  جامعة القاهرة – كلية دار العلوم – مركز البحوث والدراسات الإسلامية
  • تاريخ:  2012
  • نوع المحتوى: بحوث ومقالات

المقدمة:

لقد انتشرت الفلسفات والأيديولوجيات المعاصرة انتشاراً واسعاً ولقيت رواجاً كبيراً، وسادت فترة من الزمن كما حظيت بالتشجيع من الكثير، وكان لها أثر قوي على كثير من الأفكار والأنشطة والسلوك.
لذا رأيت من واجبي أن أكتب عن هذه الأفكار بموضوعية، وبمنهجية علمية بعيداً عن الميل حتى نكون على بينة من أمر هذه الأفكار، كي توضع الأمور في نصابها.
والوجودية هي إحدى الفلسفات المعاصرة في النصف الأول من القرن العشرين، وأصبحت حديث الجمهور في عدد من البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، والفلسفة الوجودية ليست مذهباً متكاملاً، وإنما توجد وجوديات مختلفة بين ممثليها تتميز بعضها عن البعض بتميز أصحابها والداعين لها، فهناك “وجودية كيركجورد” و”وجودية مارسيل” و”وجودية يسبرز” و”وجودية هيدجر” و”وجودية سارتر” …إلخ.
ورغم الاختلاف العميق بين ممثليها، إلا أنهم جميعاً يشتركون في سمات عامة، أهمها: “التجربة” و”الذاتية” و”الوجود يسبق الماهية” و”الحرية” سأتعرض لها بشيء من التفصيل في مكانها من هذا البحث الذي اشتمل على ما يلي:

عناصر البحث 

  • مقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة وثبت للمصادر والمراجع.
  • التمهيد في: معنى الوجودية.
  • المبحث الأول في: السمات العامة للوجودية: وفيها ذكرت أن الفلسفات الوجودية المعاصرة يوجد لها سمات أساسية مشتركة بينها، هي: التجربة الذاتية، الوجود يسبق الماهية، رفض الموضوعية، الحرية.
  • المبحث الثاني: المنهج الوجودي: وفيه ذكرت أن منهج الفلسفات الوجودية المعاصرة يقوم على “الفينومينولوجيا” و”فلسفة الحياة” إلى جانب “الفلسفة الميتافيزيقية” وهي الحركة المميزة للفلسفة الغربية في القرن العشرين[1].
  • “الفكر الوجودي” ذكرت فيه أن “المعرفة” عندهم هي الوجود كله، وهي ظواهر معرفية، كما أنها ذاتية، فهي نسبية.
  • و”الحقيقة” عند الوجوديين ليست كلية؛ بل توجد عندهم حقائق نسبية، لأنها نتيجة فعل حر يكونها الفرد بنفسه، فالحقيقة عند “كيركجورد” عبارة عن علاقة تقوم على المجهود الشخصي، وعند “هيدجر” هي كشف الإنسان لشيء خفي، وعند “يسبرز” تناظر أحوال الإنسان فتمتد مع الحركة التي تحملنا إليها، وعند “سارتر” هي شيء موجود وسيوجد، شيء متصير.
  • و”الأخلاق” عند الوجوديين ترتبط بالموقف الذي يجد الإنسان فيه نفسه فتتجه إلى مستقبل تنظر إلى كل ما هو جديد، فهي أخلاق ذاتية فردية، نسبية متغيرة تتبع اختيار الفرد في حرية شخصية، يصنعها الإنسان، ولا يوجد لها معيار؛ لأنها مرتبطة بالذات.
  • و”الدين” نجد “كيركجورد” يعتبره تفكيراً ينبثق من داخل النفس، فهو مرتبط بالذات، وتبعاً لهذا اعتبر “الله” هو الكائن الذي أشعر في صلتي به بأعنف المشاعر، ولا يلجأ إلى البراهين العقلية على وجوده؛ لأنها تقوده إلى الشك، أما “هيدجر” فلا يعترف بالدين مطلقاً؛ لأنه يعتني بالحياة الأرضية فقط، ولذا أقام مذهبه بعيداً عن الإله، ويقوم على دعائم من العدم واللامعقول، أما موقف “سارتر” من الدين هو موقف إلحادي حيث اعتبر فكرة الله فكرة متناقضة ونجده يردد عبارات “نيتشه” فيقول: “إن الله قد مات، بمعنى أنه كان يحدثنا ثم صمت فلم نعد نستطيع أن نلمس منه الآن جثة هامدة[2]، ويرى أننا عن طريق التجربة نصل إلى أفكار وجود هذا الإله، وحاول أن ينسج “علم إلهي” لا إله فيه[3].
  • أما الخاتمة فتضمن أهم النتائج التي انتهى إليها البحث.
  • كما وضعت في نهاية الدراسة ثبت للمصادر والمراجع.

الباحث
هذا وبالله التوفيق

 معنى الوجودية:

الوجودية[4]:
الوجودية كلمة تنسب إلى الوجود، وهي تعني أن كل ما هو موجود يظهر وجوده على الرغم من أنه ينقصه مبرر الوجود، وعلى ذلك يظهر (الاختلاق) facticitce وهو الوجود المصطنع بصورة ما، أي تظهر عرضية وجودنا إلى الأرض بلا هدف وبلا أدنى سبب[5]. وهي لا تعني مطلق الوجود للحياة، ولكنها تعني أن يهتدي الإنسان إلى وجوده بنفسه، وأن يكون موجوداً بالنسبة إلى نفسه، وأن يسبر غور وجدانه وليستجمع نقائضه في وحدة شاملة تمضي إلى اتجاه متناسق لا تنازع فيه وأن يكون بهذه المثابة شيئاً لا يتكرر ولا يتعدد[6].
يقول سارتر: إن ما يمكن أن يقال منذ البداية هو أنا نعني بالوجودية مذهباً يجعل الحياة الإنسانية ممكنة، مذهباً يعلن – فوق ذلك – أن كل حقيقة وكل عمل يتضمن موقفاً إنسانياً وذاتية إنسانية[7]. وهذا يعني أن الوجودية تعني أنه يستحيل على الإنسان أن يتجاوز الذاتية البشرية.

فالوجودية مذهب في الوجود محدد تام التحديد يقوم على مبدأ أساسي سهل بسيط هو أن وجود الإنسان هو ما يفعله، فأفعال الإنسان هي التي تحدد وجوده وتكونه، ولهذا يقاس الإنسان بأفعاله، فوجود كل إنسان بحسب ما يفعله[8]. ومعنى هذا أن الوجودية تعني أنه يستحيل على الإنسان أن يتجاوز الذاتية البشرية.

ومعنى هذا أيضاً أن الوجودية تشعر الإنسان بذاته مفردة مستقلة عن غيرها من الذوات، فيدرك وجوده بنفسه ويعمل على إثبات هذا الوجود وجعله حقيقة واقعية لا مجرد، وترى أن الفردية هي أساس الوجود[9].
هذه الوجودية حركة تحاول أن ترد اعتبار الفرد الذي ضاع في غمار المذاهب الاجتماعية التي مجدت الدولة والجماعة وجعلت الفرد مجرد وسيلة للغاية الكبرى التي هي مصلحة المجموع[10].
وهذا المعنى ليس ببعيد عن المعنى الذي ذكره الأستاذ “عباس محمود العقاد” وهو أن الوجودية الحديثة هي ثورة احتجاج من الفرد على طغيان الجماعات، وهي إثبات لحق الفرد أمام الدعاوي الكثيرة التي تكاد أن تلغيه وتفنيه في غمار السواد، فهي في الواقع ظاهرة اجتماعية نشأت بعد نشوء الديمقراطية وتضخمت بعد نشوء الشيوعية[11].
فهي إبراز لقيمة الوجود الفردي وهي تعني أن الوجود أسبق من الماهية. فـ “ماهية الكائن” هي ما يحققه فعلاً عن طريق وجوده، ولهذا هو يوجد أولاً، ثم تتحدد ماهيته ابتداءً من وجوده.
والوجودية تتفق في أن الوجود هو في المقام الأول، الوجود الإنساني في مقابل الوجود الموضوعي الذي هو وجود أدوات فحسب، وتتفق في أن هذا الوجود متناه، وسر التناهي فيه هو دخول الزمان في تركيبه”[12].
وهذا الوجود الإنساني ليست له قيمة إلا من خلال فعله، ففعله هو الذي يحدد وجوده.
والوجودية كما يقول “سارتر”: ليست فلسفة تأمل وسكون؛ لأنها تحدد الإنسان طبقاً لما يفعل، وهي ليست فلسفة متشائمة، لأنها تضع مصير الإنسان بين يديه، ومن ثم فهي أكثر الفلسفات تفاؤلاً، وهي تدفع الإنسان إلى العمل ولا تثنيه عنه؛ بل إنه لا ترى له أملاً إلا في العمل، فالعمل هو سبب استمرار الإنسان في الحياة، وإذن تكون الوجودية “فلسفة أخلاق عمل والتزام” فهي فلسفة متفائلة ومذهب العمل، ولا يمكن اتهامها باليأس[13]، إلا عن سوء نية [14]، فهي تدعو إلى العمل والالتزام إلا أنها مختلفة فيما بينها حول العالم وحياة الإنسان فيه، وهذا ما قاله “جون ماكوري” عن الوجودية: “إنها أسلوب أو طريقة في التفلسف تؤدي بمن يستخدمها إلى مجموعة من الآراء تختلف فيما بينها أشد ما يكون الاختلاف حول العالم وحياة الإنسان فيه”[15].
فهي تهتم بالعودة إلى الواقع الحقيقي، فهي فلسفة للمحسوس، يقول “جبريل مارسيل”: أرى أنني أميل، فيما يختص بي، إلى نفي القيمة الفلسفية المحضة عن كل أثر لا أستطيع أن أتميز فيه ما هو عضة الواقع”[16].
يضاف إلى ما سبق: أن لفظ الوجودية لم يقتصر استخدامه على نمط فلسفي معين له خصائص معينة؛ بل وصل إلى حد إطلاق هذا الوصف على كثير من السلوك الصاخب والفاضح الذي يحدث في النوادي ذات الطابع الأخلاقي المنحل، وفي كل فعل لا يليق بكرامة الإنسان.
وبذلك شاع استخدام لفظ “الوجودية” شيوعاً كبيراً في الأوساط الأدبية والفلسفية والفنية والاجتماعية، واتسع معناه اتساعاً غريباً حتى كاد يفقد معناه[17]. يقول “سارتر” في مقدمة محاضراته “الوجودية مذهب إنساني”: إن ما يعقد الأمور هو وجود مدرستين وجوديتين تختلف الواحدة منها عن الأخرى، وبالتالي وجود نوعين من الوجوديين: أولهما: الوجوديون المسيحيون ومنهم الفيلسوف الألماني “كارل ياسبرز” والفيلسوف الفرنسي “جابريل مارسيل” والاثنان كاثوليكيان، والفئة الثانية هي فئة الوجوديين الملحدين وبينهم يوضع “هيدجر” والوجوديون الفرنسيون وأنا أيضاً … وهاتان الفئتان تلتقيان على صعيد واحد وتتفقان في أمور[18]، سوف أتعرض لها في مبادئ الوجودية بعد ذلك.

والخلاصة أن الوجودية – كما يقول الدكتور زكريا إبراهيم – جهد يراد به التوفيق بين الموضوعي والذاتي، والمطلق والنسبي، وبين اللازمني والتاريخي، بين العمق الفكري والثقل المادي… الخ، فهي محاولة إنسانية شاقة من أجل إدراك الماهية في صميم الوجود والكشف عن معنى الحياة من خلال المواقف والأحداث[19].

المبحث الأول: 

السمات العامة للفلسفة الوجودية :

يوجد عدة سمات أساسية مشتركة بين مختلف الفلسفات الوجودية في القرن العشرين، وأهمها، ما يلي:

1- التجربة عند الفلسفة الوجودية :

فالتجربة عند الوجوديين هي تجربة حياتية يطلق عليها اسم “التجربة الوجودية”، وهذه التجربة ذاتية ولها طابع فلسفي.
فالتجربة التي عاناها “كيركجورد” هي تجربة شخصية مع خطيبته “ريجين أولسن” أحبها وأحبته، واستقر رأيه على أن ينقض هذه الخطبة.
واعتبر تضحيته هذه من قبيل تضحية إبراهيم الخليل، وظن أنه إذا كان لديه إيمان حقيقي كما كان لدى إبراهيم، فإن المعجزة أيضاً لابد من أن تحدث، ومن ثم فإن خطيبته لابد من أن تعود إليه كما عاد إسحاق إلى أبيه، بيد أن خطيبته لم تعد إليه، فأدت به هذه التجربة إلى اعتبار الإيمان سراً عميقاً لا سبيل إلى اكتناهه[20].
أما التجربة عند “يسبرز” هي الإحساس إحساساً مرهفاً بما في الوجود من قابلية للتحطم، باعتباره حقيقة هشة سريعة الانكسار.
أما التجربة عند “هيدجر” هي التي ظهرت على شكل وجدان قلق قوامه الشعور بأن الوجود سائر حتماً نحو الموت.
والتجربة عن “سارتر” تعني شعور مريض بالغثيان[21].
فالوجوديون يرون أن تجربة القلق هي التي تطلعهم على ذواتهم بوصفهم قد ألقي بهم في هذا العالم في عزلة بلا مأوى وبلا أمل في اتصال ويقولون: نحن لا نعرف لماذا ألقي بنا في هذا العالم.
وهنا نواجه عنصراً من العناصر التي تقوم عليها فلسفة الوجود: “إننا نوجد ولا ندري سبباً لوجودنا، ومن ثم فنحن وجود بلا ماهية”[22].
ومن هنا فإن الفلسفة الوجودية بصفة عامة تحمل طابعاً شخصياً بسبب هذه التجربة المعاشة[23].

2- الذاتية في الفكر الوجودي :

يبدأ الأسلوب الوجودي في التفلسف من الإنسان لا من الطبيعة، وذلك بوصفه موجوداً لا بوصفه ذات مفكرة، أي من حيث هو كائن بالفعل؛ لأن البدء به كفكر أو عقل كما هو الحال عند “ديكارت” من شأنه أن يحيل الإنسان إلى (موضوع مدرك) أو مجرد شيء من أشياء العالم الخارجي، والوجودية ترفض هذا النوع من التعامل مع الإنسان؛ بل وتقف بشدة ضد النزاعات التي تتعامل مع الإنسان على أنه شيء أو موضوع من موضوعات العالم[24].

أما الإنسان من حيث هو ذات تتألف من عواطف ومشاعر وإرادة ومخاوف وآمال هو الهدف الأول للوجودية، وبدون الذاتية أو عناصرها ليس ثمة أي وجود إنساني للإنسان[25].

وعلى هذا يجب أن نفهم الذاتية على أنها التأكيد على الأنا الباطني في مقابل الموضوعية التي تهتم دائماً بالتأكيد على الانفصال عن الذات، وهنا “كيركجورد” أن: “الموضوعية طعم وطعام للمرض”؛ لأنها انفصال دائم عن الذات وانقطاع بين الفكر والعمل ولكن أيضاً أن نعرف عن الذات الإنسانية أنها ليست ملكية من نوع “إن لي … ذاتاً” وإنما الذات حالة من الوجود، وتجاهل الذات أو الذاتية لا يعني إلا ترك الوجود الحق للاستغراق في الفكر المجرد، هذا رغم أن الذاتية هي حقيقة أنفسنا، ولا يعني تركها سوى ترك الوجود نفسه[26].
ولما كانت الذاتية هي الأساس الأول للوجودية وهي الموجود الأول الحقيقي، فإنه يحق لفلاسفة الوجودية اعتبار كل ما هو ضد الذات والذاتية زائفاً لا وجود ولا حقيقة له، في مقابل الحقيقة الوجودية مجسدة في الذات الفردية[27].
والخلاصة: أن الوجوديين يعتبرون الإنسان ذاتية خاصة، وليس مظهراً أو تجسيداً (للتيار الحيوي الكوني)، كما كان الحال عند “برجسون” على سبيل المثال، ويفهمون “الذاتية” بمعناها الخلاق: فالإنسان يخلق نفسه بنفسه، إنه هو حريته هو[28].

3- الوجود يسبق الماهية:

يعتبر الموضوع الرئيسي للبحث الفلسفي عند الوجوديين هو ما يسمى “الوجود”، وهو يدل على الطريقة الخاصة بالإنسان في الوجود، ويرى الوجوديون أن الإنسان وحده هو الذي يحوز الوجود، ولكنهم نادراً ما يستخدمون كلمة “إنسان” وإنما يدلون عليه بتعبيرات من مثل: Dasein (الموجود – هناك)، و”الوجود” و”الأنا” والوجود لأجل ذاته[29].

وعلى عكس ما ذهب إليه جميع الفلاسفة السابقين من القول بسبق الماهية للوجود، تتجه جميع المذاهب الوجودية إلى القول بسبق الوجود على الماهية، والماهية تعني “ما به الوجود هو هو، وتشتمل على جميع الخصائص التي يحتويها كل أفراد النوع على هيئة العام المشترك، فالماهية إمكان يصير واقعياً بفضل الوجود”[30].

ويرى الوجوديون أن “ماهية” الأشياء الجامدة – مثل الكرسي – لابد أن تكون سابقة على وجودها، فالكرسي قد صنع على يد شخص كانت لديه “فكرة” الكرسي وطريقة صنعه، فوجود الكرسي جاء بعد أن تمثل النجار صورة الكرسي، أي ماهيته، واستخدم الأدوات الضرورية لإخراج هذه الصورة إلى حيز الوجود، فجاء الوجود هنا لاحقاً على وجود الماهية في ذهن النجار، ومثل هذا يقال في النباتات والحيوانات، فبذرة التوت تلك التي تنطوي على خصائص التوت وماهيته، تسبق وجود شجرة التوت، فالماهية هنا سابقة على الوجود، لأننا نستطيع أن نتنبأ بالصورة التي تكون عليها شجرة التوت من بذرتها، فجميع الكائنات تكون ماهيتها سابقة على وجودها عند الوجوديين ما عدا الإنسان، فإن ماهيته لن تكون سابقة على وجوده؛ لأن الإنسان – فيما يقول “سارتر” مشروع، يمتلك حياة ذاتية بدلاً من أن يكون شيئاً كالطحلب”[31].
وقد كان “كيركجورد” من أوائل القائلين بتقدم الوجود على الماهية، وهو أول من جعل لكلمة وجود معنى وجودياً صرفاً، ويشرح “سارتر” هذه الفكرة بقوله: “عندما نقول إن الوجود سابق على الماهية؟ إننا نعني أن الإنسان يوجد أولاً، ثم يتعرف إلى نفسه، ويحتك بالعالم الخارجي، فتكون له صفاته، ويختار لنفسه أشياء هي التي تحدده، فإذا لم يكن للإنسان في بداية حياته صفات محددة فذلك لأنه قد بدأ من الصفر، بدأ ولم يكن شيئاً وهو لن يكون شيئاً إلا بعد ذلك، ولن يكون سوى ما قدره لنفسه”[32].
إن الإنسان يوجد بعد القفزة التي يقفزها إلى الوجود؛ لأن ما سيكونه الإنسان ليس محدوداً من قبل وإنما كل فرد هو الذي يحدد ما سيكونه ولسنا في الحق إلا ما نصيره، وهذا المعنى هو الذي يرمي إليه الوجوديون حيث يقولون: “إن الوجود يسبق الماهية؛ بل يرون أننا لم نمنح الوجود إلا لكي نظفر بالماهية، وفي هذا يقول “لويس لا فيل”: “إن الوجود ليس له معنى فنياً إلا لكي يسمح لنا لا بتحقيق ماهية قد عينت من قبل فحسب؛ بل بتحديدها باختيارنا بأن نتوحد معها، وبدلاً من أن يقال عن الماهية: إنها إمكان الوجود، سنقول بالأحرى عن الوجود: إنه إمكان الماهية، والحق أنه بوساطة اختيار ماهياتنا، نعين في الوجود مكاننا الأبدي.
وإذن فمن إساءة فهم العلاقات الحقيقية بين الفكر، أن يراد انبثاق الوجود من ماهيته من قبل، بينما الحق أن الوجود ليس له علة سوى أن يسمح لي بتحقيق ماهيتي، ولكني لا أستطيع الظفر بهذه الماهية إلا بفعل الحرية، وفعل الحرية هذا هو الذي يراد التعبير عنه دائماً حين يتحدث عن المرور من الماهية إلى الوجود، وهذا المرور يصير واضحاً على صورة أفضل بوساطة مرور آخر في اتجاه مضاد يقت من الوجود إلى الماهية، فالوجودي يختار ماهيته عندما يحدد اختيار الشخصية التي قد أن يكون إياها، وهذه الماهية بعد الوجود، لأنه لكي يختار الإنسان، ينبغي أن يكون موجوداً، فماهية الإنسان عند الوجودي تتحدد بما يحقق عن طريق وجوده، فهو يوجد أولاً ثم يتحدد ماهيته من بعده[33].
ويترتب على القول بأسبقية الوجود على الماهية – كما “سارتر” أنه لا يوجد للإنسانية شيء اسمه الطبيعة البشري؛ لأنه لا يوجد الرب الذي تمثل وجود هذه الطبيعة وحققها لكل فرد طبقاً للفكرة المسبقة التي لديه عن الكل، إن الإنسان ليس سوى ما يصنعه هو بنفسه[34]، مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو وديكارت مثلاً …. .

4- رفض الموضوعية في الفلسفة الوجودية :

لقد هاجم “كيركجورد” الأنساق الفلسفية، خاصة فلسفة “هيجل” و”سائر الفلسفات التي تدعي الموضوعية، وتسقط الحسابات الذاتية من نظرها، ولم يكتف “كيركجورد” بذلك ليؤكد نزعته الذاتية، ومنهجه الإنساني، بل هاجم أيضاً المنطق التقليدي، في ضوء مفارقة الإيمان، والعلوم الطبيعية ولم يدخر وسعاً في محاربة كل نظرة للإنسان كذات ديكارتية “عارفة مفكرة” مؤكداً الذاتية والوجود الفردي بما له من هموم وجودية[35].
من أجل هذا ترفض الوجودية “المذهبية”؛ لأن المذهب يدعي أن لديه الحقيقة الموضوعية التامة عن العالم والوجود، ولأن تناقضات الوجود ذاتها تنفي ادعاء الفلاسفة بأن لديهم أفكاراً موضوعية أو حقائق تامة وموضوعية عن الوجود، كما أن تناقضات الوجود تنفي منطقية النسق وتهدم موضوعيته وتحولها إلى مجرد وهم فلسفي، وبهذا يتحدث فلاسفة الوجودية عن النسق بسخرية ويرفضونه[36].
ومن أجل هذا كما يقول الفيلسوف “جود”: تنهار كل موضوعية في المعرفة كما في الوجود والأخلاق حيث يحذف الوجوديون كل مطلق، فإنما يحذفون كل معيار يصح أساساً للتميز بين الصح والخطأ، أو بين الخير والشر.
لكن التشكيك في موضوعية المعرفة يقود إلى التشكيك في موضوعية العالم والأشياء فنغدو غير أكيدين من حقيقتها: فحيث لا قوانين ولا حتمية ولا موضوعية فلا أمان إذ ذاك في أية معرفة، وحيث تنهار كل موضوعية أنطولوجية، وأبستمولوجية فمن الطبيعي أن تنهار أسس كل موضوعية أخلاقية[37].
ويترتب على ذلك أن نجد الوجوديين من أشد أعداء المعرفة العقلية لأن العقل في رأيهم لا يوصل إلى المعرفة حقيقة، ولأنهم يرفضون التميز بين الذات والموضوع، ويرون أن المعرفة لا تجيء إلا عن طريق ممارسة الواقع، ومن ثم فإن التأمل الفلسفي للوجوديين يدور حول مفاهيم المعاناة والإحباط والموت وما شاكل ذلك من مفاهيم، وبذلك أهملوا ركناً جوهرياً آخر وهو معالجة ما هو موضوعي وعقلي معالجة عقلية خالصة[38].

5- الحرية عند الفلسفة الوجودية :

انطلاقاً من الذاتية المطلقة عند الوجوديين وأن الوجود يسبق الماهية فلا توجد حتمية، وهنا يكون الإنسان حراً، وهذه الحرية مطلقة بلا حد لا تخضع لقانون أو حتمية أو كائن ضروري.
ولأن الإنسان حر، فهو يمتلك بالتالي زمام وجوده ومصيره، هو مسؤول إذا، ومسؤوليته كمال حريته، ومسؤوليته مطلقة لأنه مسؤول عن ذاته وعن الإنسانية جمعاء، يقول “سارتر”: “عندما نقول إن الإنسان مسئول عن نفسه فنحن لا نعني أنه مسؤول عن وجوده الفردي فحسب؛ بل هو بالحقيقة مسؤول عن جميع الناس وكل البشر… وهكذا تصبح مسؤوليتنا أكبر بكثير مما تستطيع أن تفترضه؛ لأنها في الواقع تجر الإنسان لأن يتحمل الإنسانية بأجمعها”[39].
لكن وجودي وحريتي المطلقة في أن أكون ما شئت، ومسؤوليني الشاملة بغير حد، إنما تفتح طريق الهاوية: أستشعر عمقها في كياني، فالعدم الكامن من الأشياء والذي يمنع تجانسها ويمنع طمأنينتي، هذا العدم الذي يسحب من يد الإنسان كل الثقة والطمأنينة والسكون يؤدي إلى القلق.
فالعدم والقلق عند “كيركجورد” و”هيدجر” متلازمان: يقول: “كيركجورد”: إن ما يبعث القلق هو العدم، القلق والعدم متلازمان. والقلق عند “هيدجر” هو “الانتباه والممر إلى الكينونة”[40].
وعلى هذا نجد أن مفهوم القلق عند الوجوديين يرتبط بمفهوم الحرية؛ لأن تجربة القلق التي تطلعنا على ذواتنا بوصفنا قد ألقي بنا في العالم في عزلة وبلا مأوى وبلا أمل في اتصال، ونحن لا نعرف لماذا ألقي بنا في العالم، والشعور بالحرية يولد لدينا إحساساً أليماً بالضيق أو الجزع، ومن ثم فإننا كثيراً ما نحاول التهرب من حريتنا[41].
ومن ناحية أخرى إذا كان الله غير موجود فإن وجود القيم والشرائع التي تبرر تصرفنا تسقط بالتبعية وتصير غير موجودة، ويجد الإنسان نفسه وحيداً لا عذر له ولا شيء يبرر سلوكه، وهذا هو ما يعبر عنه “سارتر” بقوله: “إن الإنسان قد حكم عليه بالحرية”[42]، أقول حكم عليه؛ لأنه لم يخلق نفسه – ومع ذلك فهو حر من نواح أخرى، لأنه بمجرد إلقائه في هذه الدنيا مسؤول عن كل عمل يقوم به[43].
المبحث الثاني: 

المنهج الوجودي:

وتحته مطالب:
الطلب الأول: أركان المنهج الوجودي:

1- الفينومينولوجيا:

إن “الفينومينولوجيا” والتي تعني “منهج الوصف الظاهري” أي تصف الظواهر كما هي في الواقع، منهجاً يساعد الفيلسوف الوجودي في بحثه وتحليله للوجود، وذلك أنها المنهج الوصفي الذي يصف بإسهاب كل الموضوعات في ماهيتها الظاهرة كما هي معطاة لنا خلال الوعي، ولأن هذا المنهج الوصفي يتعمق الوصف حتى يظهر ملامح الظاهرة الموصوفة وما يخفي عن الأعين منها، أي أنه يتعمق حتى يصل إلى ماهية الشيء غير المرئية في الظاهر، لكن هذا المنهج لم يكتف بوصف الأعراض، بل يكشف عن العلاقات الداخلية التي قد تؤدي إلى رؤية مختلفة تماماً للظاهرة التي كنا نراها من قبل وجهة معينة ومختلفة لو كانت منعزلة عن غيرها[44].
ونظراً لأن الوجودي عندما يحاول فهم الموقف الإنساني، وحل مختلف الظواهر اللازمة للوجود والعدم والحرية، والأصالة والالتزام.. الخ، فلن يستطيع الاهتداء إلى ما هو أكثر من الصفات الخارجية وتوكيدها، كما أنه يعتبر الإحساسات والمشاعر والحالات الوجدانية – بوجه عام – أسمى من العقل ومن ثم فهو لا يحاول البرهنة على صدق أقواله وأفكاره باتباع القياس المنطقي[45]، وكذا التحليل الوجودي يشكل أساس كل أنطولوجي وأساس كل العلوم.
ومن أجل هذا كان المنهج الوحيد المناسب للوجودي هو منهج الفينومينولوجيا، أو منهج الظاهرات، ولكن الظاهرة المقصودة هنا هي “ما يظهر نفسه بذاته” وهكذا فإن الظواهر ليست “مظاهر” (أو أوهاماً)، بالمعنى المبتذل للكلمة[46]، هذا المنهج استعمله كل من “مارسيل” و”هيدجر” و”سارتر” بصفة عامة، وصاغه مختلف الوجوديين على أنحاء مختلفة فاعتبره “جابريل مارسيل” تركيزاً على أولوية التجربة على الفكر البحت، وعرفه “هيدجر” بأنه: “تحليل لكيفية كشف الوجود نفسه للوعي[47]، وأن النهاية “لوجيا” في تعبير “فينومينولوجيا” تأتي من الفعل إلى وناني “legein” والذي يعني في فهم “هيدجر” استخلاص المتواجد من العتمة، إن هناك كثيراً من الظواهر إما لم تكتشف بعد أو أنها لا تزال.
وهكذا فإن “الفينومينولوجيا” تقوم عند “هيدجر” بدور علم التأويل، وعلى هذا تصبح الفلسفة نظرية أنطولوجية فينومينولوجية تنتج عن تأويل “الموجود هناك”، وهي باعتبارها تحليلاً للكينونة، تقوم بتثبيت منتهى الخط المتصل بين سائر المسائل الفلسفية إلى الموضع الذي تنبع منه وإليه تنتهي.
ولكن “هيدجر” لم يتعد في عرض فلسفته مستوى تحليل “الموجود هناك” الذي كان من المفترض أن يؤسس نظرية أنطولوجية عامة تقوم على دعائم هذا التحليل[48].

والخلاصة: أن الفينومينولوجيا، تمثل العمود الفقري للفلسفة الوجودية حيث تعتمد عليها في بحثها للوجود وصفاً وتحليلاً وتحليلاً ولأنها تقترب من الذاتية وتؤكدها، ولما بينها وبين النطق أو التفكير المجرد أو العلمي من اختلاف واضح.

2- فلسفة الحياة:

يقول “بوشنسكي”: “إن الوجودية تأثرت تأثراً ظاهراً بفلسفة الحياة، وهي تدفع بهذا الاتجاه إلى أبعد مما وصل إليه، بتطوير مذهبه في الفعل والنشاط، وتحليلاته حول الزمان، ونقده للمذهب العقلى ،ونقده كذلك في كثير من الأحيان، للعلوم الطبيعية[49].

3- الفلسفة الميتافيزيقية الجديدة:

لقد كان للفلسفة الميتافيزيقية الجديدة دور هام مع الفلسفة الوجودية؛ لأن كل الوجوديين يعالجون مشكلات ميتافيزيقية بالأصالة، موضوعها الوجود، وبعضهم مثل “هيدجر” يتميز بمعرفته المتعمقة للمذاهب الميتافيزيقية عند اليونان وفي القرون المسيحية.
وحين يحاول الوجوديون أن يصلوا إلى الوجود في ذاته، فإنهم يجتهدون في نفس الوقت أن يتغلبوا على النزعة وأن يتعدوها، ومع ذلك فإن بعضهم وعلى الأخص “ياسبرز”، لا يزالون يخضعون خضوعاً قوياً لتأثير النزعة المثالية.
وهكذا فإن الوجودية تظهر من خلال “الفينومينولوجيا” وفلسفة الحياة “اللذين قاما بقطع الصلات مع الفكر السائد في القرن التاسع عشر الميلادي كما أنها متأثرة في نفس الوقت بحركة أخرى مميزة للفلسفة الغربية في القرن العشرين الميلادي، ألا وهي “الفلسفة الميتافيزيقية”[50].

المطلب الثاني: الفكر الوجودي:

وتحته النظرات الآتية:

أ – المعرفة في الفلسفة الوجودية :

إذا كانت الفلسفة الوجودية تبدأ من الواقع وهو (الوجود البشري) فإن مشكلة المعرفة لا تنشأ إلا بعد ذلك وتكون تابعة لمشكلة الوجود، وعلى حد تعبير “هيدجر” المعرفة لون من الوجود ينتمي إلى الوجود في العالم[51].
هذا ويتفق الوجوديون على أن معرفة الإنسان لا يمكن ردها إلى معرفة عامة أو شاملة عن الوقائع التجريبية، وهم يتفقون أكثر من ذلك في التأكيد على أولوية المعرفة البشرية، أعني المعرفة الوجودية، ثم يختلفون اختلافاً ملحوظاً فيما بينهم، حول الطريقة التي يعبرون بها عن ذلك[52].
فنموذج المعرفة عند الوجودي هو المعرفة بالأشخاص، ومثل هذه المعرفة إما أن تكون معرفة ذاتية أي استبطانية للذات، وإما معرفة بالأشخاص الآخرين، نحصل عليها بالالتقاء بهم، وربما كنت معرفة المرء بذاته، بمعنى ما، قادرة على أن تزعم قدراً من اليقين لا يمكن الحصول عليه بطريقة أخرى لأننا في حالتها يكون لدينا إدراك مباشر ووعي باطني[53].
فهذه المعرفة تتم بالمشاركة فنحن لا نحصل إليها عن طريق ملاحظة شيء خارج أنفسنا؛ بل نحصرها بانغماسنا في ذلك الذي نعرفه، ومن الواضح أنه في حالة معرفة المرء بذاته تكون لديه هذه المشاركة غير أن شيئاً مماثلاً يصدق أيضاً على حالة معرفتنا بشخص آخر، ففي مثل هذه العملية نجد نوعاً من التبادل، ومن الأخذ والعطاء، فنحن لا نعرف شخصاً آخر عندما نلاحظه ببساطة، رغم أنه قد يكون من الحق أن نستبعد هذه الملاحظة تماماً، بل إن معرفتنا به تبدأ في النمو كلما ترك نفسه يعرف لنا عندما نترك أنفسنا بدورنا نعرف بواسطة أننا نعرف شخصاً ما معرفة جيدة كما يقول التعبير الشائع، عندما يكون ذلك التبادل، أو ذلك الضرب من المشاركة الذي يشارك فيه كل منهما في وجود الآخر قد استمر لبعض الوقت، ومن ثم تحقق فهم عميق[54].
ثم يقول “جان فال”: والنتيجة التي أسفرت عنها نظرية “كيركجورد” في المعرفة هي القول بوجوب عدم وضع الوجود والذاتية في ناحية والمعرفة في ناحية أخرى.
فالمعرفة الحقة ذاتية ووجودية، وفي نظرة “كيركجورد” إن توتر كياني عند اتصاله بما هو كائن (أو الواقع في نظره)، هو معيار الحقيقة، فكيف المعرفة هو الذي يحدد مضمونها”[55].
ثم يقول “جان فال” إن المعرفة كما بين “هيدجر” ليست منفصلة عن الوجود، فهي من الخصائص الأساسية التي يتميز بها الوجود الإنساني فالنسبة للإنسان “أن تكون” يعني “أن تفكر” وإن كان التفكير هنا لا يدل على المعنى اللاشخصي العقلاني الذي ذكره “ديكارت” إنه بالأحرى “إسقاط” فعال لنفسي في المستقبل، وهذه المعرفة تعني فقط أنني قد أصبحت على وعي بشيء كان من قبل في المجاهل الغامضة من كياني إن المعرفة تعتمد على شيء أعمق من المعرفة[56].
و”كارل يسبرز” يلح على أن معرفتنا كلها تتخذ شكل “ذات – موضوع” لكنه يعترف كذلك بأهمية ما يسميه بـ “الشامل أو المحيط” هذا الشامل لا يكون هو نفسه موضوعاً، لكنا نكون على وعي به بوصفه المجال الأوسع الذي يشمل الذات والموضوع، ويشمل “الوجود في ذاته” الذي يحيط بنا، و”الوجود الذي نكون عليه”.
ولكي ندرك المحيط أو الشامل لابد أن نتحرر من العلاقة الموضوعية الضيقة في بيئتنا، ونتجاوز الهوة القائمة بين الذات والموضوع عن طريق المشاركة[57].

وبهذا نجد أن الوجودي يؤكد على أهمية المشاركة في فعل المعرفة.

أما “سارتر” فيرى أن المعرفة عدم، ذلك أنه ليس لها – كما قيل – أي مضمون كان، وإنما هي تزامن ما بين الموجود – لأجل – ذاته والموجود – في ذاته – من حيث هو آخر. وينتج عن هذا أن كل ما هو على علاقة مع المعرفة وبالتالي مع الحقيقة، يكون أمراً إنسانياً محضاً، أن العالم نفسه إنساني هو أيضاً: يخلقه الموجود – لأجل – ذاته ابتداء من الوجود.
إن الأشياء التي تظهر في هذا العالم هي أدوات دائماً، لأن الإنسان بحث خالد عن الوجود وعن ذاته نفسها، وهو يتضاد مع إمكاناته، ولذلك فإن الموجود – في ذاته – يظهر له ضرورياً من حيث هو وسيلة تخدم مشروعاته[58].
وفي إيجاز يمكن القول: بأن المعرفة عند الوجوديين هي الوجود كله ولا شيء غيره، فما يظهر في معرفتي هو الوجود، وهذا الوجود ظواهر معرفية وبذلك تتضح نسبية هذه المعرفة.

ب- الحقيقة في الفلسفة الوجودية :

الحقيقة عند الوجوديين هي الحقيقة التي تنتمي إلى الوجود البشري وهي ذاتية، عند “كيركجورد” ذاتية، وهي عبارة عن علاقة تنطوي على الجهود الشخصية. والحقيقة عند “هيدجر” هي الموضوع نفسه، كما يتكشف للعقل أي هي كشف لشيء خفي، والذي يقوم بالكشف هو الإنسان. ولهذا يجب عليه أن يبقي مفتوحاً للموجود. والحقيقة عند “يسبرز” تناظر أحوال الإنسان، والحقيقة عند “سارتر” شيء متصير، شيء موجود وسيوجد.
وسوف يتضح لنا هذا حينما نتعرض لهذه الفكرة عند أقطاب هذا الفكر فيما يلي:

1- الحقيقة عند “كيركجورد “:

“كيركجورد” أن الحقيقة ذاتية أي منسوبة إلى ذات معتقدها، وليس ذلك بمعنى “أني لا أعرف الحقيقة إلا حين تصير حية ماثلة في نفسي فحسب، ولكن أيضاً على معنى نسبي بأوضح ما في هذه الكلمة من معان أي أن الوجدان يخلق ابتداء من ذاته ما هو حق، وأن الحقيقة هي عمل الحرية[59].
وبهذا نجد أن “كيركجورد” يتحدث بصفة خاصة عن “حقيقة الذاتية”. هذه الحقيقة لابد أن تكون يقيناً شيئاً أكثر عينية من الحقيقة التي تصاغ في قضايا ولقد عبر عنها: “كيركجورد” على النحو التالي:
عندما تثار مشكلة الحقيقة بطريقة موضوعية، يتجه الفكر مباشرة وموضوعياً نحو الحقيقة بوصفها موضوعاً يرتبط به الشخص العارف، وعندما يكون الموضوع الذي يرتبط به الشخص العارف هو الحقيقة وحدها، فإن الذات في هذه الحالة فقط تعد ممتلكة للحقيقة – أما عندما تثار مشكلة الحقيقة من الناحية الذاتية فإن الفكر يتجه ذاتياً إلى طبيعة العلاقة التي يكونها (يدخل فيها) الفرد، فإذا كان “نوع” هذه العلاقة هو وحده الحقيقي كان الفرد في هذه الحالة “مالكاً” للحقيقة، حتى حدث أن كان الشيء الذي يرتبط به على هذا النحو غير حقيقي[60]، وهذا يعني أن الحقيقة بأكمل معانيها تخرج من العمق الداخلي للوجود البشري، وهي تضرب بجذورها في انفتاح هذا الوجود[61].
فـ “كيركجورد” يذكر أن الحقيقة شيء ذاتي، ولكن صفة الذاتية، لا يمكن الشعور بها شعوراً شديداً إلا عندما تتصل بشيء مختلف عنها، فالحقيقة عند “كيركجورد” هي علاقة أيضاً، وإن كان لم يؤكد غير أحد طرفي هذه العلاقة، أما الطرف الآخر أو الطرف الخفي كما نستطيع أن نسميه والذي كان عند “كيركجورد” “الآخر المطلق” أو “الله” فليس أقل من ذلك أهمية[62].
وهذه بعض النصوص من أقواله لتؤكد أن الحقيقة ذاتية:
يقول “كيركجورد”: “إن الحقيقة ذاتية”، وإن “الذاتية هي الحقيقة” ذلك أن وجود الحقيقة له تكراره في ذاتك، في ذاتي، في ذاته حتى إن حياتك وحياتي وحياته هي وجود الحقيقة بالقدر الذي به تقترب منها… وبعبارة أخرى: أنا لا أعرف الحقيقة إلا حين تصبح “حياة في ذاتي”، والحقيقة هي “فعل الحرية” الحقيقة لا توجد للفرد إلا من حيث هو أنتج بفعله شيئاً، وهذا الإنتاج لا يتم إلا بقرار مصمم لا بالتأملات العقلية.
ثم يقول: و”سقراط” أعطانا القدوة في ذلك، إن “سقراط” لم يسع أولاً إلى التقاط بعض براهين على خلود النفس من أجل أن يعيش بعد ذلك مؤمناً بهذه البراهين، كلاً، أو على العكس تماماً قال: “مسألة خلود النفس هذه إذا وجدت، فإنها تشغلني إلى حد أنني أريد – دون أدنى تحفظ – أن أخاطر بحياتي في سبيلها، كما لو كانت اليقين الأسمى، وهكذا عاش … وكانت حياته برهاناً على خلود النفس، أنه لم يبدأ بالاعتقاد بناء على براهين ثم عاش بعد ذلك، كلا بل حياته هي البرهان الذي لم يتم إلا بفضل موته شهيداً”[63].
ونجد أيضاً أن “نقولا برديائييف” و”جبريل مارسيل” يذهبان إلى القول بأن الحقيقة لها استمرار بعد شخصي وإن كانا على وعي أفضل بالطابع المشترك لمعرفتنا، وبأن الحقيقة تعتمد على جماعية الصدق، وكان “مارسيل” بصفة خاصة هو الذي كشف عن هذه الخاصة، فهو الذي وجد أن تعاليم الفيلسوف المثالي الأمريكي “جوشيارويس” هي التي عرضت لهذه الفكرة، لاسيما نظريته في جماعية التفسير، فريق العلماء الذين يتابعون بحث موضوع ما يتشكل من خلال روابط الأمانة الشخصية التي تضمن تكامل البحث، بقدر ما يتشكل يسعى هذا الفريق إلى بلوغ حقائق موضوعية تكتسب نتيجة لبحوثه ثم تدون في كتب مدرسية[64].
فالحقيقة لا تنطوي فقط على مجموعة القضايا التي تأتي في نهاية البحث؛ بل تنطوي أيضاً على الجهود الشخصية التي تتسم بالحرية، والإخلاص والصراع التي تؤدي إلى الحقيقة.

2- الحقيقة عند “هيدجر”:

لا ينفصل السؤال عن الحقيقة في تفكير “هيدجر” عن السؤال عن الكينونة، والسؤال عن الكينونة مشكلة قائمة وستبقى.
والبحث عن الكينونة: هو البحث عن انكشاف الموجود وحقيقته، وليست عصور العالم إلا الكيفيات التي يتخذها الوجود لينكشف كظهور.
وحقيقة الكينونة هي انكشاف، وظهور. يقول “هيدجر”: “يصعب علينا التعبير عنها بلغة الميتافيزيقا”[65].
حقيقة شيء ما هي أساس كينونته، هي أساس الوجود الكائن، أي “الدازين”، أو الإنسان المهتم بالكينونة، والذي بسبب خاصيته الأنطولوجية والوجودية، فهو دائماً متجاوز لذاته ومنفتح على عالمه[66]، ولكنه لم ينفتح على هذا العالم، إلا لأن العالم نفسه قد انكشف له، هذا التجاوز عبر عنه “هيدجر” بمعنى “ترك الوجود” يوجد معنى، ذلك أن انكشاف الكائن أو الموجود “سابق” على الانفتاح أو هو على الأقل معيار له، وإذا جاز الحديث عن توافق في هذه الحالة فهو إذن توافق بين انكشاف الكائن وانفتاح الإنسان المتجاوز لذاتيته.
وإذا كان الكائن ينكشف أولاً ثم يتم الانفتاح عليه من خلال الخاصية الأنطولوجية للإنسان المهتم بالكينونة، وخاصيته هي حريته، أي قدرته على خلق إمكانياته، فالحرية هي “ماهية” الحقيقة، وبما أن الحرية ماهية الحقيقة فهذا يعني أيضاً أن يكون الإنسان يملك الحرية، ربما كان العكس هو الصحيح، وفي هذا يقول “هيدجر”: “أن الحرية التي تفهم هذا الفهم بحيث تعني ترك الموجود يوجد، هي حرية تعمل على تحقيق ماهية الحقيقة بمعنى انكشاف الموجود، وليست الحقيقة خاصية مميزة للقضية التوافقية التي تنطق بها ذات بشرية عن موضوع ما، ثم تعتبر بعد ذلك قضية، “صادقة” دون أن نعرف شيئاً عن المجال الذي ستصدق فيه، وإنما الحقيقة هي انكشاف الموجود الذي يتم بفضله الانفتاح، وفي هذا الانفتاح يتكون سلوك بشري وكل موقف يتخذه الإنسان، وذلك بفضل تعرضه للانفتاح، ومن أجل هذا يكون وجود الإنسان على نحو متخارج”[67].
ومن هذا النص يتضح لنا مدى العلاقة بين الحقيقة والحرية وتفتح الوجود البشري عند “هيدجر” وهذه العلاقة كشف عنها “هيدجر” في مقالة “حول ماهية الحقيقة” فالمرء يمتلك الحقيقة بمقدار ما يكون حراً، وهو يكون حراً بمقدار ما يكون منفتحاً على الأشياء نحو ما هي عليه بمقدار ما يتركها لتكون على ما هي عليه بحيث لا يعيد تشكيلها، وإنما يشارك في انفتاحها فحسب، فالحقيقة “تحدث” إن صح التعبير، عندما تنزاح الحجب وتظهر الأشياء في تفتحها، وهذا يتضمن أن الحقيقة تضرب بجذورها في الوجود البشري – في الوجود المتعين – وفي الذاتية؛ لأن الوجود المتعين هو الضوء في عتمة الوجود، والإنسان هو المكان الذي يحدث فيه الانفتاح وبالتالي فهو يوجد في الحقيقة “أو” في لا حقيقة الاختفاء، بفضل واقعة أنه يوجد خارج ذاته[68].
فليست الحقيقة في صورتها الأصلية من صنع العقل، إنما هي ذلك الذي قصده اليونان في فجر الفكر الغربي، عندا أطلقوا اسم الحقيقة على تكشف الموجود أو لا تحجبه (إليثيا). على ضوء هذا المعنى الأصلي للحقيقة يمكن أن تفسر الحرية بأنها هي “ترك الموجود – يوجد” وترك الموجود هنا لا يفيد التخلي عنه ولا عدم الاكتراث به، بل يفيد التوجه إليه والانفتاح عليه، وليس الترك فعلاً يقوم به الإنسان على هواه، بل هو الذي يجعله كائناً محدداً بعلاقته بالمفتوح وانفتاحه الذي يغمر كل الموجودات، أي “بالحق” كما فهمه اليونان بمعنى المنكشف اللامتحجب.
فماهية الحقيقة عند “هيدجر” كما يقول هو تتحقق بصورة أصلية عندما يتمكن ذلك الذي يسأل من تحقيق وجوده الخاص على نحو أصيل، أي حين يدخل في علاقة أصيلة مع الوجود[69]. فالحقيقة عند “هيدجر” هي الموضوع نفسه، كما يتكشف للعقل[70]. فعلينا أن نميط عنها اللثام، فهي هناك وما علينا إلا رؤيتها.
فالحقيقة هي كشف لشيء خفي، فإن هذا الكشف لا يمكن أن يحدث إلا في حالة وجود كائن قائم بالكشف، كائن يتكشف له الشيء، والذي يقوم بكشف المحجوب أو إزالة الغطاء هو الإنسان، ولهذا يجب عليه أن يبقى مفتوحاً للموجود.

3- الحقيقة عند “كارل يسبرز “:

أما كارل يسبرز فيميز بين مستويات للحقيقة تناظر أحوال الإنسان:
فبالنسبة إلى الذات الحيوية: الحقيقة هي الحضور المباشر للمحسوس، والفائدة المادية، والغريزة، إنها ما هو عملي مفيد.
وبالنسبة إلى الشعور بوجه عام: الحقيقة هي عدم التناقض في الفكر المنطقي (التصوري).
وبالنسبة إلى العقل (الروح): الحقيقة هي الاقتناع الذي توحي به الأفكار.
وبالنسبة إلى الوجود: الحقيقة هي الإيمان بالمعنى المحدد، والإيمان هو الشعور بالوجود في علاقته مع العلو.
وكل حقيقة تعبر عن نفسها بواسطة الشعور بوجه عام، الذي لا يزودنا إلا بأشكال فكر صحيح، بينما ينبوع الحقيقة ينبثق من أحوال أخرى لشامل، والشامل – عنده – هو ما لا نعثر عليه، ولكن يصدر عنه كل ما ندرك.
ويضع “يسبرز” الحقيقة الفلسفية في مقابل الحقيقة العلمية، فيقول: إن الحقيقة العلمية كلية، لكنها نسبية لأنها مرتبطة بمناهج وفروض، أما الحقيقة الفلسفية فمطلقة بالنسبة إلى من عاشها في واقعها التاريخي، لكنها ليست كلية في التعبير عنها. الحقيقة العلمية واحدة بالنسبة إلى الجميع، أما الحقيقة الفلسفية فمتعددة بحسب الأوجه التاريخية التي تتخذها، والتي تكشف في كل مرة عن أمر وحيد، وهذه الأمور الوحيدة الفريدة لها أسباب وجودها لكنها لا تقبل النقل كما هي بدون تغيير[71].
ويضع “يسبرز” الحقيقة الوجودية فوق الحقيقة العلمية: فالحقيقة الوجودية ذاتية شخصية، تعاني في تجربة حية، وتعاش مباشرة، إنها إرادة وجدانية للحقيقة، وبحث، وهي مبحث نفسها… وتبصر في كل حقيقة جزئية، لكن لا يمكن أية حقيقة أن تدعي لنفسها أنها وحدها الحقيقة وأن نتحول إلى مطلق، والسكون في الحقيقة تضييع لها. إن الحقيقة تمتد مع الحركة التي تحملنا إليها كما قال “تييت” في شرحه لنظرية الحقيقة عند “يسبرز”[72].

4- الحقيقة عند “سارتر”:

يقول “سارتر” وعندنا أن الحقيقة شيء متصير، شيء موجود وسيوجد، إن الحقيقة كلية تتجه دائماً إلى أن تصبح كلاً باستمرار، والواقع المفصلة لا تعني شيئاً أنها ليست بالأمر الحقيقي أو الأمر الزائف طالما أنها لا تترابط من خلال توسط كليات جزئية مختلفة إلى العملية المتجهة إلى تكوين كل عام[73].

ج- الأخلاق في الفلسفة الوجودية :

الأخلاق الوجودية، بصفة عامة، ترفض أي ضرب من التقيد الحرفي بالقواعد، إذ ينظر إلى القوانين والقواعد على أنها أعباء مفروضة على الموجود البشري من الخارج تجبره على نمط من السلوك محدد سلفاً وتمنعه من تحقيق ذاته الفريدة الأصيلة، ولهذا تميل الوجودية إلى تشجيع ما يسمى عادة “بالموقف الأخلاقي” ويتحد اتجاه الفعل في مثل هذه الأخلاق بالموقف الفريد الذي يجد فيه الفاعل نفسه، فكيف يكون صادقاً مع نفسه في مثل هذا الموقف؟
ونظراً لأن الوجودية ترتكز على الذاتية الأصيلة التي لها بعد اجتماعي، فلن يكون المرء متسقاً مع ذاته لو فسر هذا المعيار الذي يربط بين الفعل وموقف الفاعل بطريقة تحصره في إطار الذات الفردية وحدها.
والواقع أن كل أخلاق تجمع بين عنصر يمثل موقفاً وعنصر يمثل حكماً، وحتى الأخلاق التي تتمسك بحرفية القواعد[74] تتضمن في بنيتها بعض الجوانب التي تعمل حساباً للحالات الاستثنائية، وفي كثير من الحالات نجد مرونة ملحوظة في التطبيق العملي لمثل هذه الأنظمة من القوانين والقواعد غير أن الأخلاق الوجودية تعلي من شأن عنصر الموقف على عنصر القاعدة؛ بل قد يتقلص الأخير حتى يتلاشى تقريباً؛ بحيث يقترب المرء من المذهب الذي يرفض القانون تماماً.
والأخلاق التي تركز على الموقف، تتجه – عند أصحابها – نحو المستقبل، وهي تنظر إلى ما هو جديد، ويتحدد الفعل فيها أخذاً اعتباره ما هو جديد.
وعلى هذا نجد الأخلاق الوجودية تتحمل مخاطرة التركيز على الموقف بدلاً من القانون، وعلى ما هو مقبل وما هو جديد بدلاً مما هو تقليدي[75].
فالأخلاق الوجودية أخلاق فردية، أخلق نسبية متغيرة، متلونة، طبعاً لما يختار الفرد في “حرية شخصية تامة، إذ كل فرد هو عالم قائم بنفسه يصنع لنفسه أخلاقه وآدابه وعقائده وآراءه، فيختار الإباحة إن شاء، أو يختار النسك والزهادة، فهو المسؤول عما يصيبه من جراء إباحيته أو جراء نسكه وزهده[76].
وذلك كله راجع إلى أن الفلسفة الوجودية فلسفة تصدر عن الذات والذات الفردية، وهي حرة إزاء الموقف الذي تتواجد فيه وحريتها تتنافى مع أية معايير مسبقة، وهي معايير جمعية عامة، والذات تتأبى على العام لأنها فردية.
والمعيار العام يفترض التساوي فيمن يطبق عليهم المعيار، فكل الأفراد إزاءه سواء، وهو الوحيد الذي يعلو والذي من الأفراد أن يكونوا وحدات متساوية أمامه، لكن الذات الفردية لا يجمعها بالذوات الأخرى اشتراك في عام؛ بل يجمعها عدم الاشتراك والانفصال، فكل ذات متفردة وعالم قائم بذاته، والتفرد ضد الواجب لأن الواجب معيار عام، وإذن فالذات المتفردة لا يمكن أن تحيل إلى الذوات الأخرى أو العام، وإلا لا نتفت كذلك وذابت في العام والمجموع، والإحالة الوحيدة لا يمكن إلا من الذات إلى نفسها.
فإذا أحالت الذات إلى نفسها، فمعنى ذلك أنها تحيل إلى ما ترسب فيها من تجارب سابقة، ولجوء الذات إلى الترسب من التجارب السابقة معناه: أن الذات تنفي حريتها إزاء الموقف وتلجأ إلى ما يمكن أن تسميه العام الذاتي أي العام المتحصل من مجموع تجارب سابقة لمواقف كهذا الموقف، ولكن المواقف لا يمكن أن تتساوى أو تتشابه، والآنات تتدافع أمام وتدخل إمكانيات جديدة وتستنفذ إمكانيات أخرى، فالعام القبلي بالنسبة للذات تناقض لا يستقيم، إذن فلا أخلاق في الوجودية؟[77].
وهذا واضح عند “الوجودية الملحدة” التي تقول: إن عدم وجود الله معناه: عدم وجود القيم المعقولة كذلك، وعدم وجود الخير بصورة مسبقة قبلية، لأن عدم وجود الله معناه: عدم وجود وجدان كامل لا متناه يعقل ذلك الخير، وهكذا يصبح القول بوجود الخير، أو بوجود الصدق والنزاهة، قولاً لا معنى له، لأننا نصير حيال وجود إنساني بحت لا دخل فيه لوجود الله أو لقيم مصدرها الله.
وهذا ما كتبه “دستويفسكي” مرة: “إن الله إذا لم يكن موجوداً فكل شيء مباح”، وما كتبه “دستويفسكي” هو النقطة التي تنطلق منها الوجودية والتي تعتقد الوجودية فيها: أن إنكار وجود الله يعني أن كل شيء يصير فعلاً مباحاً، وأن الإنسان يصبح وحيداً مهجوراً، لا يجد داخل ذاته أو خارجها أية إمكانية يتشبث بها ويكتشف فيها أن لا عذر له؛ لأنه ما دام الوجود يسبق الماهية حقيقة فإنه لا عذر للإنسان بإحالة سلوكه وتفسير أسباب تصرفه إلى وجود طبيعة إنسانية مسبقة ومحددة الصفات.
هذا من جهة ومن جهة أخرى إذا كان الله غير موجود فإن وجود القيم والشرائع التي تبرر تصرفاتنا تسقط بالتبعية وتصير غير موجودة ويجد الإنسان نفسه وحيداً لا عذر له ولا ما يبرر سلوكه[78].
وفيما يلي أتعرض لفكرة الأخلاق عند الوجوديين بشيء من التفصيل عند أهم أقطاب هذا الفكر: “سورين كيركجورد” و “مارتن هيدجر” و”جان بول سارتر” وسنرى أن “كيركجورد” يشد نفسه إلى اعتبار وجود أوامر أخلاقية مطلقة لكن لا يستطيع أحد أن يحققها، أما “مارتن هيدجر” فيطلب من الفرد أن يبتدع القيم الخاصة به وأن يقررها هو بنفسه.
و”سارتر” يعتبر الإنسان هو الذي يختار أخلاقه، أي يختار مبادئ سلوكه وقيمه وغاياته ووسائله، فلا يوجد عنده قيم مسبقة سماوية أو أرضية؛ لأن القيم عنده هي خلق إنساني مستمر، ولا يبقى إلا على قيمة واحدة هي قيمة الحرية؛ لأن الإنسان هو خلق مستمر لحريته ولذاتيته، فهو صانع لنفسه[79].
فالقيم عند الوجوديين ذات طبيعة وجودية عينية مشخصة، وكلما ألقوا أضواء جديدة على الوجود اكتشفوا قيماً جديدة[80]، فتكون نسبية متغيرة ليست مطلقة أو كلية.

1- كير كجورد:

نجد المدرج الأخلاقي هو ثاني مدرج للحياة عند “كيركجورد” وهو مدرج وسط يسبقه المدرج الحسي ويتلوه المدرج الديني، وإذا كان الإنسان في المدرج الحسي لا يتخذ قراراً، ولا يعترف بواجب؛ بل إنه ينظر إلى الواجب على أنه خاضع للذة فإن السمة الرئيسية التي يمتاز بها إنسان المدرج الأخلاقي هو اتخاذ القرار والاختيار.
فـ “الاختيار” مقولة أخلاقية لا قبل بها لرجل الحواس ومن ثم يصل “كيركجورد” إلى المرحلة الأخلاقية عن طريق إدخاله لمقولة الاختيار، إذ أن حقيقة الاختيار تكون المرحلة الأخلاقية[81].
ولكن ما الذي يدفع الذات إلى الحركة فتنتقل من المرحلة الحسية إلى المرحلة الأخلاقية؟ نجد انتقال الذات عند “كيركجورد” من المرحلة الحسية إلى المرحلة الأخلاقية يتم عن طريق التهكم والسخرية من الحياة الرتيبة المملة الخالية من القيم والمثل العليا والواقع أن الذات موجودة في المرحلة الحسية لكنها في “حالة إمكان” أو هي “وجود بالقوة” ومهمة المرحلة الأخلاقية تحويل ما هو بالقوة إلى وجود بالفعل عن طريق معرفة المرء لنفسه أو “اختياره لذاته” على حد تعبير “كيركجورد”[82].
وربما كانت أفضل بداية لعرض وجهة نظر “كريكجورد” في المرحلة الأخلاقية أن تفهم معنى قوله: “أن على المرء أن يختار ذاته” لا سيما وأنه كثيراً ما يشير إلى أنها “تحديث نوعاً ما لمقولة يونانية” ويقصد بذلك المبدأ السقراطي الشهير “اعرف نفسك” ومن ثم يعتبر اختيار المرء لنفسه بمعرفته لذاته، فلا شك أن السؤال الأخلاقي الذي أطرحه: “ماذا ينبغي علي أن أفعل؟” يثير في الحال سؤالاً آخر أسبق منه هو: “ماذا في استطاعتي أن أفعل؟” والسؤالان يؤديان إلى مشكلة الذات مادمت لا أستطيع أن أعرف ماذا أستطيع أن أفعل ما لم تكن لديه ولو معرفة ضئيلة بنفسي: من أنا؟، وهكذا ارتبط السؤال الأساسي عند “كيركجورد”: من أنا؟ أو ما هي الذات؟ بعبارة “سقراط” في محاورة “فايدروس”، التي كثيراً ما يشير إليها “كيركجورد” وهي لابد أن أعرف نفسي أولاً.. فهل أنا مخلوق أكثر تعقيداً، وأشد امتلاء بالانفعالات الطاغية من “حية تيفون”[83]، أم أنني مخلوق أكثر رقة وأشد بساطة وهبته الطبيعية مصيراً إلهياً هادئاً…؟ وهكذا تتبين أن السعي وراء المعرفة الذاتية هي سمة لفعل الاختيار، أعني “لاختيار المرء لنفسه”، إلا أن “كيركجورد” ينبهنا إلى أن هذه المعرفة ليست تأملية ولا هي موضوعية وهو لهذا السبب يفضل استخدام تعبير اختيار المرء لنفسه، يقول “الفرد الأخلاقي يعرف نفسه، غير أن هذه المعرفة ليست مجرد تأمل، (إذ لو صح ذلك لكان الفرد مقيداً بضرورته) إنها تفكير في ذاته، وهي نفسها فعل، ومن ثم فقد فضلت عامداً استخدام تعبير “استخدام المرء لذاته”، بدلاً من معرفة المرء لنفسه، ومن هنا فإن معرفة المرء لنفسه ليست هي النهاية؛ بل على العكس، هذه المعرفة لها ثمارها، فمنها يبدأ ظهور الفرد الحقيقي[84].
و”كيركجورد” يكرر بإصرار أن عملية اختيار المرء لذاته تتضمن توبته وندمه فيقول: “إن من يختار ذاته بطريقة تجريدية لا يختارها أخلاقياً أنه عندما يكون الإنسان منغمساً في ذاته أثناء عملية الاختيار، مهتماً بها نافذاً نفاذاً كلياً في أعماق ذاته بحيث يكون منتبهاً في كل حركة إلى وعيه بالمسؤولية عن ذاته – عندئذ فقط يختار ذاته أخلاقياً، عندئذ فقط يندم على ذاته، عندئذ فقط يكون عينياً في عزلته الشاملة في اتصال مطلق مع الواقع الذي ينتمي إليه، ولكن آمل من تكرار القضية البسيطة التي تقول: إن اختيار المرء لذاته يعني أن يندم عليها، إذ يدور حول هذه القضية كل شيء آخر[85]. فليس في استطاعة الذات أن تتقبل جوانب معينة من واقعها ومعطياتها ثم تستبعد الجوانب الأخرى؛ بل لابد أن تقبل وجودها العيني بأسره في شموله بما فيه من جوانب سيئة أو شريرة، وإن كان من المهم أن نلاحظ في هذا السياق أن الشر الذي تندم عليه الذات هنا ليست نتاجاً لفعلها الخاص بل هو شر أو ضعف تعاني منه هي نفسها، وهو عقاب إلهي عن الذنوب التي ارتكبها الآباء في حق أبنائهم.
ومقولة “القرار” هي المقولة الثانية الهامة في المرحلة الأخلاقية، وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمقولة الاختيار التي هي: شرط ضروري لاتخاذ القرار ذلك؛ لأن ممكنات الذات مشروطة دائماً بواقعها: “عندما يبلغ المرء مرحلة الوضوح حول ذاته، وعندما تكون لديه الشجاعة في أن يرى نفسه، فإن ذلك لا يعني أن التاريخ يكون قد انتهى بل يكون قد بدأ الآن، فالآن يكتسب لأول مرة مغزى حقيقياً، إذ تؤدي كل لحظة جزئية يعبرها الفرد إلى هذه النظرية الشاملة[86].
فهذا الوضوح الذي يؤدي إلى الاختيار ينتج عنه اتخاذ قرار، والقرار هو عزم المرء على أن يحاول تحقيق الممكنات التي تتناسب مع وجوده الفعلي، ولكي تتحقق هذه الممكنات لابد من وجود مبدأ مرشد تسترشد به الذات الأخلاقية أثناء قيامها باختيار الممكنات التي تريد تحقيقها بحيث تفرق بينها وبين الممكنات الأخرى التي لا تريد لها أن تتحقق، وإذا أردنا صياغة هذا المبدأ الأخلاقي في ألفاظ عامة، وجدناه يعبر عن المبدأ الذي تسعى الذات الأخلاقية إلى تجسيده في حياتها، وهو تلك الالتزامات الأخلاقية التي ارتبطت بالجنس البشري بصفة عامة: فمن أن ينظر إلى حياته نظرة أخلاقية يرى الكلي العام، ومن أن يعيش حياته بطريقة أخلاقية، فإنه يعبر عن هذا الكلي في حياته فيجعل من نفسه رجلاً كلياً، لا بأن يغرق في العينية لأنه عندئذ يصبح لا شيء، بل بأن ينفذ فيها الكلي، لأن الرجل الكلي ليس شبحاً[87].
ولكن البناء الأخلاقي للوجود الإنساني لا يزال بعد غير مكتمل، فعلى الرغم من أن الفرد الأخلاقي يتجه تجاه ما هو كلي، فإنه يجد نفسه مرتبطاً بأن يبقى خلال حدوده، اللهم إلا إذا وجد في دخائل ذاته… في خطيئته وفي إيمانه، قناطر تقوده إلى التجاوز.. إلى الله أو إلى المدرج الديني.” إن الأخلاق التي لا تراعي الخطيئة هي علم خامل تماماً، أما إذا أكدت على الخطيئة فإنها تتجاوز ذاتها”[88].
إن الأخلاق تهتم بالقيم الأخلاقية وبالأوامر والوصايا وبالخير والشر والصواب والخطأ ولكنها لا تهتم بالخطيئة.
والفارق بين الأخلاق والخطيئة هو أن القيم الأخلاقية يمكن تعريفها بقوانين مطلقة أو نسبية، في حين أن الخطيئة هي تحد موجه ضد الحقيقة المتعالية (الله)، ومع هذا فالفصل بين الأخلاق والخطيئة لا يتم إلا بصعوبة بالغة، إذ فعل الشر خطيئة، وفاعل الشر صاحب خطيئة، ومن ثم فإن أخلاقاً لا تقيم وزناً للخطيئة تعتبر علماً خاملاً تماماً، في حين أن الأخلاق التي تؤكد على الخطيئة تكون أخلاقاً تبحث عما وراء حدودها، وهناك أيضاً ذلك التناقض المبهم الذي يرجع إلى أن القانون الأخلاقي وهو مبدأ وضعي وكلي ينبغي أن يكون في موضع أعلى وأسمى من فكرة الخطيئة، ذلك؛ لأن هذه الفكرة الأخيرة تتسم بأنها سلبية وفعل فردي (تخص آدم وحده)، بينما نجد التجربة الشخصية تبرهن على العكس من ذلك، لأن الفرد بفعل الخطيئة يكون بالفعل أعلى من الكلي، ما دام يتجه بفعله ضد المتعالي (الله) وهو على هذا النحو يكون محتكاً به، وعلى أية حال نجد هنا مرة أخرى هذا التناقض الذي يمدنا بالإجابة: فعندما يخرج الفرد من دائرة الكلي بسبب جرمه (جريمته) فإنه يتمكن من العودة إلى الكلي فقط بفضل أنه قد عاد كفرد له علاقة مطلقة مع المطلق.
ولا شك أن صاحب الخطيئة حينما يرتكب إثماً ضد المطلق، فإنه يمس هذه الحقيقة العميقة التي في قدرتها أن تحوله لأن يلمس فيها أيضاً منبع الغفران والله يمكن أن يعلق الأمر الأخلاقي ليس في أمره لـ “إبراهيم” فحسب، وإنما أيضاً حينما يمارس الفرد أي خطأ بصورة مشابهة للخطيئة، وذلك لأن تجربته هذه إنما تنطوي على تأنيب للضمير الذي يقوده إلى نوع من التوفيق يتجاوز الأخلاق ويعلو عليها.
ولكن ألا يؤدي هذا إلى تخفيض أو حتى إنكار أهمية الأخلاق؟
الواقع أن “كيركجورد” يميل إلى تعزيز هذا الرأي لكنه كان يشير دائماً – رغم ذلك – إلى أن الأوامر الأخلاقية مطلقة بحيث لا يستطيع أي مخلوق مهما بلغ كماله أن يحققها وهذا هو ما يجعلنا مهتمين بعمق الحقيقة القائلة بأننا جميعاً أصحاب خطيئة.
ويظل الفرد في المدرج الأخلاقي إلى أن يدرك عظم خطيئته بحيث لا تتمكن القوانين الأخلاقية والشرائع الاجتماعية أن تحلها له، ها هنا يكون على الإنسان أن يقفز إلى الهاوية، أو أن يقفز بين يدي الله، حيث يطلع خطيئته أمام الله الذي هو أبدي، ومن ثم ينقلب الخطيئة من خطيئة إثم. وبهذه القفزة ينتقل الإنسان من المدرج الأخلاقي إلى المدرج الديني.
وهنا يستطيع الإنسان في المرحلة الأخلاقية عند “كريكجورد” أن يقفز أو أن يأخذ مخاطرة القفز هذه لكي يصل إلى المدرج الديني وإلى الإيمان، ففعل الإيمان فعل حر يصل إليه الفرد بقرار حر أيضاً، وهذا القرار هو صميمه قرار اختيار: إما أن تختار “الله” وإما أن تختار العالم. يقول “كريكجورد”: “الاختيار شيء عظيم لا نستطيع أن نتخلص منه أبداً.. فهو يبقى معك وإذا لم تستعمله يصبح لعنة، إنه ليس اختيار بين “الله” و”العالم”، وهنا يذهب “كيركجورد” إلى أن اللطف الإلهي والمغفرة الإلهية هما اللذان يجعلاه، يضع نفسه في نفس مستوى الاختيار مع العالم من أجل أن يتيح للإنسان القدرة على اختياره[89].
وأخيراً يذكر “برتراند رسل” في كتابه “حكمة الغرب” أن: “كيركجورد” أن يرى النظريات الأخلاقية أشد عقلانية من أن تسمح للناس بأن ينظموا حياتهم وفقاً لها، فليس في استطاعة أية نظرية منها أن تتفهم الطابع المميز لسلوك الفرد الأخلاقي بطريقة سليمة، وفضلاً عن ذلك فمن الممكن الاهتداء دائماً إلى أمثلة عكسية أو حالات استثنائية تخالف القاعدة[90].

2- هيدجر:

يتصور “هيدجر” من الناحية الأخلاقية أننا نجد أنفسنا منبوذين في هذا العالم، وعلينا أن نأخذ على عاتقنا حالتنا الإنسانية، وليس على الموجود أن يبقي في مرحلة القلق أو مرحلة الغثيان كما فعل “لفيناس” و”سارتر” وهما يصدران في أصل تفكيرهما عن “هيدجر”. والإنسان يستطيع؛ بل يجب أن ينتصر على هذه التجربة، وأن يأخذ على عاتقه تقريره مصيره وهذا ما يسميه “هيدجر” بالعزم القاطع.
ثم يقول “جان فال”: “وأستطيع أن أقول: إن العزم القاطع الذي نأخذ به على عاتقنا مسؤولية مصيرنا، أمر ليس له مبرر في مذهب “هيدجر”. ففيه ضرب من أعمال الإيمان، وهو أنه عمل خالص من أعمال الإرادة الخالقة للقيم، ولكننا لا نرى له سبباً قوياً عند “هيدجر”. ومهما يكن من أمر فإن هذا العزم القاطع يظل صورياً تماماً عند “هيدجر” … إذ كيف ننتقل من هذه النظرية إلى الفعل؟ و”هيدجر” نفسه قد أخذ اختياره أشكالاً مختلفة وفقاً للتعليم التي اعتقد أنه يدعو إليه عن طريقة التجربة، ولكننا لا نستطيع أن نطرح جانباً هذه الحقيقة[91].
ثم يقول “جان فال”: ونستطيع على الأقل أن نستخلص من هذه الملاحظة فكرة أن أخلاق “هيدجر” صورية خالصة، وأن من الممكن تفسيرها بصورة مختلفة، فهي في نهاية الأمر ليست أخلاقاً على الإطلاق؛ لأنه يطلب من الفرد أن يبتدع القيم الخاصة به، وأن يقررها هو بنفسه وهو أنه لو كان الضمير يعبر عن أمر يأتي من الخالق – فيما يرى غيره – فإن الصرخة التي يطلقها في الوقت نفسه منه ومن أجله دون أن يستفي ضررها عن الله، وهو حين يتحدث عن الذنب أو الخطيئة، فإنه يستبعد عن عمد كل إشارة دينية، كما أن الذنب ليست له أي دلالة أخلاقية؛ بل إنه لا يعده فعلاً من أفعال إرادة الإنسان أو اختياره[92].

3- سارتر:

يرفض سارتر جميع القيم المسبقة ولا يبقي إلا على قيمة واحدة مطلقة هي قيمة الحرية، وذلك على أساس أن الإنسان هو خلق مستمر لحريته وبالتالي خلق مستمر لذاتيته فـ “الإنسان ليس سوى ما يصنعه من نفسه”، و”سارتر” يرى أنه لا يوجد قيم مسبقة سماوية أو أرضية، وإنما القيم هي خلق إنساني مستمر[93].
فالإنسان يختار أخلاقه، أي يختار مبادئ سلوكه وقيمه وغاياته ووسائله، أما البعض فقد يختار النقيض من ذلك، أي أن سبيله لتجاوز نقص كينونته وقصور وجوده إنما يقوم من خلال التزامه بإنتاجية ما: في الشكل في الفن، في العلم، في السياسة… الخ، فهو اختار بذلك أخلاقه: وهو في النهاية ليس إلا مجموعة خياراته[94].
وأن الأخلاق الوحيدة الممكنة لديهم هي الدعة والخمول والاستسلام لليأس. وفي النهاية أذكر ما قاله الأستاذ “جون ويلد” عن “كيركجورد” والفلسفة الوجودية المعاصرة ضمن فقرة ممتازة عنوانها “كيركجورد”.
والأخلاق الوجودية “ذهب فيها إلى ما يلي: أن القيمة في نظر الوجوديين أصبحت من طبيعة وجودية، وذات دلالة وجودية أيضاً، وأن الوجوديين كلما ألقوا أضواء جديدة على الوجود، كلما اكتشفوا بالتالي قيماً جديدة.. وهذا هو ما حدث بالفعل في تاريخ الفكر الوجودي، ويظهر بوضح أكثر حينما نقارن هذا الفكر الوجودي بالتراث الفلسفي الكلاسيكي.
وفي حين أن الفلسفات الكلاسيكية المهتمة بالجانب الأخلاقي قد اتجهت نحو “ماذا تفعل؟” فإن الوجودية بعد أن اتجهت بكل طاقاتها نحو تحليل الفعل وسلوك الوجوديين أصبحت تتجه نحو “كيف نفعل؟” كما أنه في حين أن الأخلاق الكلاسيكية قد كشفت النقاب عن قيم ضرورية كلية ثابتة، فإن الأخلاق الوجودية قد أماطت اللثام عن قيم ذات طبيعة مختلفة، أسمتها بالقيم الوجودية.
وهذه القيم الوجودية لا تهتم كثيراً بماذا نختار وإنما بكيف نختار، إنها ليست فضائل أو أنواع من الفعل ما هي إلا طرق للفعل أو السلوك تتخلل كل ما نقول عنه أنه فضيلة تماماً، كما يتخلل فعل الوجود كل صورة من صور الأشياء التي تتحقق عينياً ووجودياً، يقول “كيركجورد”: “حين نقوم باختيار ما فليس من المهم أن نسأل ما إذا كنا قد اخترنا الصواب، بقدر ما يهمنا كيف تعبر عن ذاتنا عن لا تناهيها الداخلي، وفي مقابل ذلك تتدعم ذاتنا ويتعزز وجودها الحق. وحتى إذا افترضنا أن إنساناً ما اختار الخطأ، فإنه يستطيع أن يكتشف بالضبط وبواسطة قدراته الخاصة أنه اختار أمراً خاطئاً[95].
نحن لا ننكر بطبيعة الحال الفارق الأساسي بين الصواب والخطأ، لكن الذي يسترعي انتباهنا وجوب ضرب من ضروب القيم الوجودية يعزز الشخصية المفردة ويدعمها وينفذ إلى أساس كل اختيار، ويشكل قاعدة كل اختيار صائب سليم.
والحرية على سبيل المثال هي هذا الضرب من القيم الذي نعنيه، فهي ليست ضرباً من السلوك أو الفعل، كما أنها ليست نوعاً من الفضيلة، بقدر ما هي منبثة داخل البناء الوجودي كله، كطريق للوجود يجب أن يتخلل سلسلة الفضائل التي يحياها الإنسان، ويعيشها في واقعه العيني المشخص.
لقد كان “كيركجورد” مهتماً اهتماماً بالغاً بهذه القيمة الوجودية … الحرية، وقال ذات مرة: “أروع وأعظم شيء ظفر به الإنسان هو الاختيار … الحرية”[96].

د- الدين:

أ- كيركجورد:

يأتي الدين عند “كيركجورد” في المرحلة الأخيرة من مدارج الحياة؛ لأن المرء يدرك أنه ليس مسئولاً فقط تجاه نفسه وتجاه الإنسانية بل إنه مسئول أولاً وقبل كل شيء تجاه الله، وهنا تنتقل الحالة الأخلاقية للحياة إلى الحالة الدينية لها[97].
والدين عند “كيركجورد” هو عبارة عن تفكير وجودي، لأنه ينبثق من داخل النفس وعلى أساس الذاتية يقيم “كيركجورد” صرح فكره الديني الخصب، وتبعاً لهذه الذاتية فإن “الله” هو الكائن الذي أشعر في صلتي به بأعنف المشاعر، وتأتي معرفة الله بالرجوع إلى شدة المشاعر التي تعتمل بها ذاتيتي، ولا يلجأ “كيركجورد” مطلقاً إلى البراهين العقلية على وجود الله، فهذه البراهين تدل في نظره على نوع من الشك والارتياب، فهو ها هنا مثل “بسكال” ومثل كل صوفي – يؤمن بالكشف كأساس للاعتقاد في وجود الله[98].
وذلك لأن “كيركجورد” مسيحياً شديد الإخلاص، ولكن كان من الطبيعي أن تؤدي به آراؤه إلى التصادم مع الكنيسة الرسمية الدنماركية بوصفها مؤسسة جامدة، فقد كان يعارض اللاهوت العقلاني على النحو الذي صاغه كبار المدرسين؛ لأنه كما ذكرت منذ قليل إن وجود الله ينبغي أن يدرك وجودياً، ومن المستحيل إثبات هذا الوجود بأية براهين تنتمي إلى ميدان الماهيات[99].
هذا ودعا “كيركجورد” إلى اتخاذ المبادئ الدينية أسساً لحياتنا، وهو موقف يتمشى مع التراث الأوغسطيني الذي ظل له تأثيره في البروتستانتية فالإنسان لا يكون مسؤولاً إلا أمام الله وأوامره، وليس من حق أي كائن بشري آخر أن يتدخل لتغيير هذه العلاقة[100].
وكان “كريكجورد” يعتقد أن التعمق في فهم الخطيئة يقودنا إلى الله، وإلى الصفح والمغفرة، وفي دعاء يذكرنا بأبي حيان التوحيدي في كتابه “الإشارات الإلهية” يقول “كيركجورد”: يا إله السماوات، لا تكن مع خطايانا علينا، ولكن كن معنا على خطايانا، حتى لا يكون التفكير فيك تذكيراً لنا بخطايانا، ولكن بعفوك، ولا كيف تكون حيرتنا ولكن كيف تنقذنا[101].
ومفهوم الخطيئة عن “كريكجورد” ليس هو المفهوم الشائع عند الناس وإنما هو أعمق من ذلك كثيراً.. إنه يعني لديه “عدم القداسة” وشعور المرء بفرديته إزاء الله.
وبالخطيئة يصبح المرء حراً مسؤولاً، شاعراً بتناهيه، شاعراً بفنائه وضياعه في هذا العالم، وبهذا الشعور يبدأ طريق الخلاص[102].
فالإيمان المنطلق من وعي الخطيئة الأولى ومن إرادة تجاوزها يستطيع الفرد أن يلغي هوة الشقاء والخوف والحزن التي تتحكم بوجوده. فالإيمان عند “كيركجود” هو المدخل إلى محبة الله، وأن تخطو خطى المسيح: “حين تؤمن فأنت تلقي مراسيك في يد الله، وبمقدار ما يتضح للإنسان يكون وجود الله فيه قوياً، ويضعف فيه بمقدار ما يبدي هذا من قوة وعظمة[103].
فهذا الإيمان المطلوب لا يستند إلى برهان ومنطق، هو قفزة ذاتية تقع خارج، أو أعلى من العقل، هو لا يحتاج إلى برهان من ذلك النمط الذي طلبه اليهود من المسيح تأكيداً لبعثه: “لمصلحة من نبحث عن البرهان..؟ الإيمان ليس في حاجة إليه، بل إنه ينظر إلى البرهان على أنه عدوه، إذا فالإيمان ليس في حاجة إلى العقل، بل هو نقيضه، والطريق العقلي هو الطريق المجرد النظري الصوري الذي لا يتقاطع في شيء مع الإنسان – الفرد وحاجته إلى رفع شقائه – والمسيحية التي يجرى فهمها من زاوية وجودية هي بالتالي سبيل الخلاص، أن تقتفي أثر المسيح، نموذج الفرد والإنسانية جمعاء”[104].
ولكن هل استطاع “كيركجورد” أن يقوم هو نفسه بتلك الوثبة لكي يصير مسيحياً؟ أبداً، إنه يعترف في كل كتاباته بأنه أحجم عن هذه الخطوة الأخيرة، وظل حتى آخر لحظة في حياته “شاعر الإيمان” لا “فارس الإيمان” كما كان إبراهيم عليه السلام وغيره من الرسل أولي العزم والقوة.
بيد أنه إذا كان لم يستطع أن يصبح هو نفسه مسيحياً بالمعنى الذي أرادة، فقد كانت فلسفته نداء إلى الآخرين ليثبتوا تلك الوثبة التي لم يستطع الإقدام عليها، وكانت فلسفته أيضاً اكتشافاً متصلاً لنفسه وتعمقاً دائباً لوجوده الخاص[105].

ب- هيدجر:

أما موقف “هيدجر” من الدين يتمثل في أنه لا يعترف بالخطيئة الأولى كما اعترف بها “كيركجورد”؛ لأنه لا يعترف بالدين مطلقاً – هو يعتني بالحياة الأرضية فقط، والسقوط عنده هو هروب الإنسان من ذاته وفراره من القلق. لقد أراد “هيدجر” أن يقيم دعائم مذهبه بعيداً عن الإله – بعيداً عن الحقيقة المطلقة؛ بل أراد أن يبنيه على دعائم من العدم واللامعقول – ولا يمكن أبداً أن يجد طريقاً للاتجاه صوب هذا المطلق الذي يغذي آمال الإنسان العقلية والأخلاقية على السواء والذي بدونه لا يكون للإنسان نفسه ولا للعالم من حوله أي معنى، فحين تحدث في تعريفه عن الوجود الأصيل أو الوجود الحقيقي قال: “إن الإنسان فيه هو صانع لنفسه، أي له القدرة على أن يكون ذاته ولا يمكن لهذه الذات أن تصبح نفسها إلا إذا كانت تتمتع بالحرية، وهذه الحرية يحددها طرفان: الميلاد من ناحية ثم الموت من ناحية أخرى – لأننا لم نختر لحظة مولدنا كذلك لسنا على قدرة لاختيار لحظة موتنا، أو طريقة هذا الموت.
والإنسان كما أنه يستطيع أن يكون ذاته كذلك فهو الموجود الذي يمكن وصفه (بالتعالي)، وهذا التعالي مجرد مرادف آخر للوجود، واتصال مستمر بالعالم وبالآخرين واتجاه دائب نحو المستقبل وهذه الحركة المستمرة في التعالي لا تؤدي لأن نخرج عن ذواتنا من أجل الانتقال إلى الله لأن الله ليس موجوداً.
وهو يطالب بالتخلي عن كل ادعاء بإمكان الوصول إلى حقيقة مطلقة – مهما كانت هذه الحقيقة المطلقة – لأن الحقيقة المطلقة في رأيه – إن كان لها معنى – ولا يمكن أن تكون كذلك – هذه الحقيقة هوة وصمت[106].

ج- سارتر:

أما موقف “سارتر” الإلحادي من الدين فنجده يردد عبارات “نيتشة” فيقول: إن الله قد مات! ولكن هذا لا يعني أنه غير موجود، أو أنه لم يعد موجوداً؛ بل إن الله قد مات، بمعنى أنه كان يحدثنا ثم صمت، فلم نعد نستطيع أن نلمس منه الآن جثة هامدة!… إن الله قد مات، ولكن هذا لا يعني بطبيعة الحال أن الإنسان قد أصبح ملحداً، فإن صمت المتعالي مضافاً إليه استمرار قيام الحاجة الدينية لدى الإنسان الحديث، إنما هو في صميمه مشكلة كبرى، وهذه المشكلة التي ثارت بالأمس كما تثور اليوم إنما هي المشكلة التي لا زالت تؤرق “نيتشة” و”هيدجر” و”يسبرز”، ولكن “سارتر” حريص على أن يبين لنا الفارق بين نظرة الوجوديين إلى الإلحاد، ونظرات الفلاسفة الأخلاقيين الفرنسيين في أواخر القرن التاسع عشر مثلاً” هذه المشكلة، فإن هؤلاء كانوا يقررون أنه ليس ثمة إله بالفعل، ولكننا في حاجة أخلاقياً إلى فكرة الله لتنظيم المجتمع وتدعيم الأخلاق. وأما الوجوديون فإنهم يقررون أنه لمن المؤسف حقاً ثمة إله، لأن باختفائه تختفي كل إمكانية للاهتداء إلى قيم أزلية أبدية في سماء عقلية علوية، ويزول كل أمل في العثور على دعامة أولية قبلية للخير المطلق أو العدالة المطلقة أو الحق المطلق!.
ثم يقرر “سارتر” أن المشروع الأصلي الذي ينزع الإنسان نحو تحقيقه إنما هو أن يصبح إلهاً، ومهما كان من أمر تلك الأساطير والطقوس التي يحفل بها الدين، فإن الإنسان لا يستشعر “الله” في قرارة نفسه إلا بوصفه ذلك المثل الأعلى الذي يحدد الوجود البشري في نزوعه الأصلي ومقصوده الأسمى، فليست فكرة الله وليدة تأمل الطبيعة، أو قدرة المجتمع؛ بل هي “الحد الأقصى” لنزوع الإنسان نحو التعالي أو هي القيمة الكبرى التي يتجه صوبها كل ما لدى الإنسان من مقدرة على “المفارقة”، وهو ما يعبر عنه “سارتر” بقوله: “أن تكون إنساناً: هذا معناه أن تنزع إلى أن تكون إلهاً، أو إذا شئت – الإنسان في صميمه إن هو إلا رغبة عارمة في أن يصبح هو الله نفسه[107].
وقول سارتر بأن الله قد مات إنما يعني في نظر “سارتر” أن الإنسان موجود مهجور قد خلى بينه وبين نفسه، وأنه لا يجد في ذاته أية دعامة يركن إليها أو أي سند يعتمد عليه.
فـ (الله) في نظر “ساتر” – كما سبق أن أوضحنا – لا وجود له، وفي رأيه أنه عن طريق التجربة نصل إلى أفكار وجود هذا الإله، وهو يحاول أن يسرد أدلة عقلية مختلفة على أن وجود الله متناقض في حد ذاته وهو يحاول أن يفند فكرة وجود الله ككائن بالقول أنه لكي يكون الله علة نفسه يجب أن يوجد أولاً لكي يصبح بعد ذلك علة لوجوده – أي أن يوجد قبل أن يوجد – وبعبارة أوضح فإنه يتطلب لكي نؤمن بوجود الله أن يوجد هذا الإله كعلة أولا قبل أن يوجد كمعلول، وهنا تظل فكرة وجوده كعلة غير قابلة للتفسير.
وأخيراً نقول عن “سارتر”: إنه بأفكاره هذه التي شجب منها فكرة وجود الإله، اعتبر أن فكرة (الله) هذه فكرة متناقضة، وقد حاول أن ينسج (علم إلهي) لا إله فيه – ويقول البعض عنه: إن فلسفته إنما هي فلسفة رجل متدين فقد إيمانه بالله – لكنه لم يفقد نزوعه نحو الله، تبقى في صميم فكره حنين غامض نحو ذلك الموجود الذي أحال غيابه كل فلسفته إلى جو قاتم لا بارقة من أمل فيه[108].
والخلاصة:
أنه يوجد اختلاف بين أقطاب الفكر الوجودي في حقيقة الدين. فنجد “كيركجورد” و”مارسيل” يعلنان إيمانهم بالألوهية، بينما يقول “يسبرز” بوجود التعالي أو المتعالي، ولا يمكن القول إن كل هذا التعالي يعادل القول بوجود الألوهية أم بوحدة الوجود والألوهية أم بإنكار الألوهية، وهذه المواقف الثلاثة يرفضونها “يسبرز” كلها على السواء، أما “هيدجر” تبدو فلسفته منكرة للألوهية ومع ذلك فإن “هيدجر” صرح بأنه لا ينبغي اعتبارها كذلك، وإن كان هذا التصريح لا يعني الشيء الكثير. وأما “سارتر” فإنه يحاول إقامة مذهب منكر للألوهية صريح ومتسق الأركان، كما سبق الإشارة إلى ذلك[109].
الخاتمة:

نتائج البحث:

الوجودية ظاهرة اجتماعية وثورة احتجاج من الفرد على طغيان الجماعة.
أن الوجودية محاولة إنسانية شاقة من أجل إدراك الماهية في صميم الوجود، والكشف عن الحياة من خلال الموقف والأحداث.
أن الوجودية تجربة معاشة تحمل طابعاً شخصياً.
أن الوجودية تعتبر الإنسان ذاتية خاصة، يخلق نفسه بنفسه.
أن الوجودية ترى أن الإنسان يملك زمام وجوده ومصيره.
أن الوجودية ترى أن المعرفة لون من الوجود الذي هو ظواهر معرفية، وأنها ذاتية ونسبية.
أن الوجودية ترى أن الحقيقة هي نتيجة فعل حر يكونها الفرد بنفسه فهي نسبية.
أن الوجودية ترى أن الأخلاق ذاتية فردية، نسبية متغيرة، يصنعها الإنسان ولا يوجد لها معيار.
أن الوجودية ترى أن الدين ينبثق من داخل النفس؛ لأنه مرتبط بالذات، والله هو الكائن الذي أشعر في صلتي به بأعنف المشاعر، ولا يبرهن عليه بالأدلة العقلية، هذا عن كيركجورد، أما هيدجر لا يعترف بالدين مطلقاً، وسارتر اعتبر فكرة الله متناقضة ويردد عبارة نيتشه “إن الله قد مات”.
أن الوجودية تخالف العلم والعقل وكل ما هو ثابت.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

ثبت المصادر والمراجع:

آراء فلسفية في أزمة العصر، تأليف: أدريين كوخ، ترجمة: محمود محمود، مكتبة الأنجلو المصرية، 1963م.
أعمال المحبة، كيركجورد – ترجمة: د. فؤاد كامل، ضمن نصوص مختارة من التراث الوجودي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987.
أفيون الشعوب المذاهب الهدامة، عباس محمود العقاد، الطبعة السادسة، القاهرة: دار الاعتصام، 1977م.
تاريخ الفلسفة الحديثة – تأليف: أ. و. بن القارئ، ترجمة: عبد المجيد عبد الرحيم.
تاريخ الوجودية في الفكر البشري، المستشار: سعيد العشماوي، ط3، بيروت: الوطن العربي، 1984م.
حاشية ختامية غير علمية، سورين كيركجورد، نقلاً عن الوجودية جون ماكوري.
حكمة الغرب، تأليف برتراند رسل، ترجمة: د. فؤاد زكريا، ج2، سلسلة عالم المعرفة، عدد (71).
دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ط1، دار الطباعة المحمدية، 1985م.
دراسات في الفلسفة الوجودية، د. عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 1980م.
سارتر، مفكراً وإنساناً، د. مراد وهبة، د. يحيى هويدي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر.
سورين كيركجورد، د. علي عبد المعطي، دار المعرفة الجامعية، 1986م.
طريق الفيلسوف، جان فال، ترجمة: د. أحمد حمدي محمود، مراجعة: أبو العلا عفيفي، مؤسسة سجل العرب، 1967م.
العقائد والمذاهب، تأليف: الأستاذ. عباس محمود العقاد، دار الكتاب اللبناني.
الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ترجمة: د. عزت قرني، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد (165).
الفلسفة المعاصرة، د. وليم فرج، الطبعة الأولى، 1987م.
الفلسفة الوجودية: د. زكريا إبراهيم، دار المعارف بمصر، سلسلة اقرأ، العدد (161)، مايو 1956مز
فلسفة سارتر، تأليف: عبد الفتاح الديدي، مكتبة الأنجلو المصرية، 1971م.
كيركجورد، د. إمام عبد الفتاح، ج2، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1986م.
الله والإنسان والحرية، السيد محروس (د – ت).
مدخل إلى الفلسفة المعاصرة، البروفيسور، س.ي جود، ترجمة: محمد شفيق شيا، الطبعة الأولى، 1981م.
مدخل إلى دراسة الفلسفة المعاصرة، د. محمد مهران، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1984م.
مدخل جديد إلى الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات الكويت، الطبعة الثانية، 1978م.
مدخل نقدي لدراسة الفلسفة، د. محمد عبد الله الشرقاوي، 1988م.
مسألة الحقيقة في فلسفة هيدجر، حسن بن عمر بلو، مجلة الوحدة، عدد 98، نوفمبر، 1992م.
مشكلة الإنسان: د. زكريا إبراهيم، دار مصر للطباعة.
المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، ج2، بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1982م.
معنى الوجودية: تأليف: د. عبد المنعم الحفني، مكتبة مدبولي، ط2.
من تاريخ الوجودية، جان فال، ترجمة: فؤاد كامل، ضمن نصوص مختارة من التراث الوجودى ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987م.
نداء الحقيقة، هيدجر، ترجمة: د. عبد الغفار مكاوي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1977م.
نقد العقل الجدلي – الماركسية والوجودية – جان بول سارتر، ترجمة: د. عبد المنعم الحفني، ط2، 1977م.
هذه هي الوجودية، تأليف: بول فولكييه، ترجمة، محمد عناني، ط2، دار بيروت، 1956م.
الوجودية: جون ماكوري، ترجمة: د. إمام عبد الفتاح إمام، مراجعة: د. فؤاد زكريا، سلسلة عالم المعرفة – الكويت عدد 58، أكتوبر، 1982م.
الوجودية المؤمنة والوجودية الملحدة د. محمد غلاب، الدار القومية، للطباعة والنشر.
الوجودية مذهب إنساني، سارتر، ترجمة: د. عبد المنعم الحنفي، ط4، 1977م.
الوجودية والغثيان، تأليف. محمد جواد مغنية، بيروت: دار المعارف، 1977م.
[(*)]      عضو هيئة التدريس في قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة الملك عبد العزيز.
[1]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ص 266.
[2]  مشكلة الإنسان: د. زكريا إبراهيم، دار مصر للطباعة، ص191.
[3]  انظر: الفلسفة المعاصرة، د. وليم فرج، ص 191 – 195.
[4]  الوجودية تنسب إلى الوجود وهو في أصله اللاتيني مشتق من مقطعين هما EX ويعني الخروج، والثاني STER ويعني البقاء ثم انتقل اللفظ إلى اللغات الأوروبية بما يحتويه من شحنة تعبيرية وما يرمز إلى من فكر، فدل على الخروج من الشيء.
فهو في اللغة الإنجليزية: Existence
وفي اللغة الفرنسية: Existence
وفي اللغة الألمانية: Existenz
وكلها ألفاظ تعني غير ما تعنيه أفعال الكينونة To be الانجليزية، Eter الفرنسية، Sein الألمانية.
وفي اللغة العربية يدل لفظ “الوجود” على معنى الحضور، ثم نقل إلى معنى آخر هو “الكون” أو “العالم”، فأصبح لفظ “الوجود” رمزاً اجتماعياً “للكون” بكل ما فيه P لأن الكون يفيد دائماً وفي أي مفهوم معنى الحضور، أي المثول وعدم الغياب عن البصر أو البصيرة، ثم نقل اللفظ إلى الفرد فلم يعد مقصوراً على الكون؛ لأن الإنسان رمزاً للكون ودليلاً على قيامه، ومن جانب آخر فإن المثول وعدم الغياب ينصرفان بادئ ذي بدء إلى الفرد حين يراد إثبات حضوره، ومن ثم يقال إنه موجود.
ويستفاد من ذلك أن لفظ الوجود في اللغة العربية، بدلالته الكلية (الكون) أو الجزئية (الفرد) يتضمن نفي الاستغلاق، ويفيد معنى الإحالة المتبادلة بين الجزئي والكلي أي بين الفرد والعالم فوجود الكون يعني حضوره في العالم، ووجود الكون يعني حضوره بإزاء الفرد  – أما الذات المغلقة التي لا إحالة بينها وبين الوجود الكلي، فهي ذات وهمية لا يمكن أن تكون، وبالتالي لا يمكن أن توجد. (انظر: تاريخ الوجودية في الفكر البشري، المستشار سعيد العشماوي، ط3، بيروت: الوطن العربي، 1984م، ص19-21).
[5]  انظر: فلسفة سارتر، تأليف: عبد الفتاح الديدي، مكتبة الأنجلو المصرية، 1971م، ص71.
[6]  انظر: أفيون الشعوب – المذاهب الهدامة، عباس محمود العقاد الطبعة السادية، القاهرة: دار الاعتصام، 1977م، ص108.
[7]  آراء فلسفية في أزمة العصر، تأليف: أدريين كوخ، ترجمة: محمود محمود، مكتبة الأنجلو المصرية، 1963م، ص267.
[8]  انظر: دراسات في الفلسفة الوجودية. د. عبد الرحمن بدوي، ص5.
[9]  هذا الأساس الفلسفي ليس جديداً مطلقاً؛ بل قديم هو قدم الفلسفة فكان “أنتستانيس الكلبي” ينكر أن تكون الماهية كلية؛ بل يراها فردية إذ كان يقول: “إني أرى فرساً ولا أرى الفروسية”، وكان “أفلاطون” يفرق بين المحسوسات وبين المثل كما كان “أرسطو” يفرق بين الكلي والجزئي، وقد أثار “ابن سينا” مسألة العلاقة بين الكلي وجزئياته التي تحولت فيما بعد إلى خلاف بين الواقعيين الذين يقولون بوجود الكليات وجوداً واقعياً وبين الاسميين الذين كانوا يرون الكليات مجرد ألفاظ أو أسماء وليس لها وجود واقعي وأن الجزئيات والأفراد هي الموجودة حقاً، انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة – تأليف: أ. و. بن القارئ، ترجمة: عبد المجيد عبد الرحيم، ص228.
[10]  انظر: المصدر نفسه.
[11]  انظر: العقائد والمذاهب، تأليف: الأستاذ. عباس محمود العقاد، دار الكتاب اللبناني، ص388.
[12]  دراسات في الفلسفة الوجودية: د. عبد الرحمن بدوي، ص47.
[13]  هو إقطاع الرجاء وضياع الأمل، ويراد به القنوط: ولا تقنطوا من رحمة الله، أي: لا تيأسوا، وكل يأس في القرآن هو قنوط، إلا الذي في صورة الرعد فإنه بمعنى العلم: واليأس خطيئة دنيئة؛ لأنه كفر بنعمة الله وخطيئة أخلاقية؛ لأنه اعتاد على النفس وانتحار أدبي تدريجي، واليأس المطلق هو الموت، (انظر: المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، ج2، ص587).
[14]  معنى الوجودية: تأليف: د. عبد المنعم الحفني، ط2، مكتبة مدبولي، 47- 50.
[15]  الوجودية: جون ماكوري، ترجمة: د. إمام عبد الفتاح إمام، مراجعة: د. فؤاد زكريا، الكويت: سلسلة عالم المعرفة، عدد 58، 1982م، ص11.
[16]  هذه هي الوجودية، تأليف: بول فولكييه، ترجمة، محمد عناني، ط2، دار بيروت، 1956م، ص48.
[17]  انظر: مدخل إلى دراسة الفلسفة المعاصرة، د. محمد مهران، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1984م، ص97.
[18]  الوجودية مذهب إنساني، سارتر، ص10 – 11.
[19]  انظر: مشكلة الفلسفة، د. زكريا إبراهيم، مكتبة مصر، ص233.
[20]  انظر: الفلسفة الوجودية: د. زكريا إبراهيم، ص 32.
[21]  الغثيان: هو الرغبة بالقيء، أو هو اضطراب في المعدة يسبب القيء، يقول “سارتر” إن الإنسان يشعر دائماً في كل لحظة من وجوده بالغثيان الوجودية والغثيان، تأليف محمد جواد مغنية، بيروت: دار المعارف، 1977م، ص37، 62.
[22]  انظر: دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ص240.
[23]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ص267.
[24]  انظر: الله والإنسان والحرية، السيد محروس، ص37.
[25]  انظر: المصدر نفسه، ص41.
[26]  انظر: المصدر السابق، ص110.
[27]  انظر: نفس المصدر، ص 115 – 116.
[28]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشينسكي، ص267.
[29]  انظر: المصدر السابق.
[30]  انظر: دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ص241.
[31]  انظر: الوجودية مذهب إنساني، سارتر، ص15، مدخل إلى الفلسفة المعاصرة، د. محمد مهران، ص103.
[32]  دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ص241.
[33]  انظر: الوجودية مذهب إنساني، سارتر، ص15.
[34]  انظر: دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ص 242.
[35]  انظر: الله والإنسان والحرية، السيد محروس، ص137.
[36]  انظر: المصدر السابق، ص34.
[37]  مدخل إلى الفلسفة المعاصرة، جود، ص153.
[38]  انظر: دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ص240.
[39]  انظر: مدخل إلى الفلسفة المعاصرة، جود، ص154.
[40]  اانظر: المصدر السابق، ص154، 155.
[41]  انظر: دراسات في الفلسفة الحديثة، د. محمود حمدي زقزوق، ص240.
[42]  انظر: المصدر السابق، ص242.
[43]  انظر: آراء فلسفية في أزمة العصر، ص 273 – 274.
[44]  انظر: الله والإنسان والحرية، السيد محروس، ص 53 – 55.
[45]  انظر: المصدر السابق، ص 71-72.
[46]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ص 273.
[47]  انظر: الله والإنسان والحرية، السيد محروس، ص71.
[48]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ص 273 – 274.
[49]  انظر: المصدر السابق، ص165.
[50]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ص266.
[51]  الوجود المؤمنة والوجودية الملحدة، د. محمد غلاب، الدار القومية للطباعة والنشر، ص182 – 183.
[52]  انظر: المصدر نفسه، ص197.
[53]  انظر: المصدر نفسه، ص194.
[54]  انظر: الوجودية، جون ماكوري، ترجمة، د. إمام عبد الفتاح إمام، مراجعة د. فؤاد زكريا، الكويت: سلسلة عالم المعرفة، عدد (58)، ص 156 – 196.
[55]  طريق الفيلسوف، جان فال، ترجمة: د. أحمد حمدي محمود، مراجعة: أبو العلا عفيفي، مؤسسة سجل العرب، 1967م، ص 299 – 300.
[56]  انظر: المصدر السابق، ص305.
[57]  انظر: الوجودية: جون ماكوري، ص 197 – 198.
[58]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي، ص295.
[59]  الوجودية المؤمنة والوجودية الماحدة، محمد غلاب، ص26.
[60]  حاشية ختامية غير علمية، سورين كيركجورد، ص319، نقلاً عن الوجودية جون ماكوري، ص200.
[61]  الوجودية، جون ماكوري، ص201.
[62]  انظر: طريق الفيلسوف، جان فال، ص322.
[63]  مدخل جديد إلى الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي، الطبعة الثانية، الكويت: وكالة المطبوعات، 1978م، ص149.
[64]  الوجودية: جون ماكوري، ص201.
[65]  مسألة الحقيقة في فلسفة هيدجر، حسن بن عمر بلو، مجلة الوحدة، عدد (98 – نوفمبر)، 1992م، ص 32- 33.
[66]  كل علاقة انفتاح هي بمثابة سلوك.
[67]  مسألة الحقيقة هي فلسفة هيدجر، حسن بن عمر بلول، ص35، وفكرة التخارج أو التواجد قد حلت الآن محل فكرة الوجود في العالم التي نعرفها في الوجود والزمان (انظر: نداء الحقيقة، هيدجر، ترجمة: د. عبد الغفار مكاوي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص 1977م، ص135).
[68]  الوجودية: جون ماكوري، ص 201- 202.
[69]  انظر: نداء الحقيقة، هيدجر، ترجمة: د. عبد الغفار مكاوي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1977م، ص 154-174.
[70]  انظر: طريق الفيلسوف، جان فال، ص 321.
[71]  مدخل جديد إلى الفلسفة، عبد الرحمن بدوي. ط2، الكويت: وكالة المطبوعات للنشر، 1978م، ص 149 – 150، ص 149- 150.
[72]  المصدر السابق.
[73]  نقد العقل الجدلي – الماركسية والوجودية – جان بول سارتر، ترجمة: د. عبد المنعم الحفني، ط2، 1977م، ص52.
[74]  هي أخلاق تنظر إلى الماضي، إلى التقاليد والعادات والطريقة التي حدثت بها الأشياء على الدوام، ومثل هذه الأخلاق تجلب الاستقرار.
[75]  انظر: الوجودية، جون ماكوري، ص 84، 85، 396.
[76]  انظر: مدخل نقدي لدراسة الفلسفة، د. محمد عبد الله الشرقاوي، 1988م، ص 225.
[77]  انظر: معنى الوجودية، د. عبد المنعم الحفني، دار مأمون للطباعة، ص 221 – 222.
[78]  انظر: الوجودية مذهب إنساني، سارتر، ترجمة: د. عبد المنعم الحنفي، ط4، 1977م، ص24، 35.
[79]  انظر: سارتر مفكراً وإنساناً، د. مراد وهبة، د. يحيى هويدي وآخرون، ص 32- 33.
[80]  انظر: سورين كيركجورد، د. علي عبد المعطي، ص 342.
[81]  انظر: المصدر السابق، ص 328.
[82]  كيركجورد، د. إمام عبد الفتاح، ج2، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1986م، ص237.
[83]  ريح ممتلئة بالغبار، ويطلق هذا الاسم أيضاً على عملاق يملؤه الغرور ويبدو أن هذا العملاق يفسر في بعض الترجمات على أنه حية ضخمة (انظر: كيركجورد، د. إمام عبد الفتاح، ص 238).
[84]  المصدر السابق، ص 239.
[85]  المصدر السابق، ص 245 – 246.
[86]  المصدر السابق، ص 246.
[87]  انظر: المصدر السابق، ص 247 – 248.
[88]  سورين كيركجورد، د. علي عبد المعطي، ص330.
[89]  انظر: سورين كيركجورد، د. علي عبد المعطي محمد، ص 330- 335، 341 – 342.
[90]  انظر: حكمة الغرب، تأليف: برتراند رسل، ترجمة: د/ فؤاد زكريا، ج2، ص195.
[91]  انظر: من تاريخ الوجودية، جان فال، ترجمة: فؤاد كامل، ضمن نصوص مختارة من التراث الوجودي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987م، ص 16 – 19.
[92]  انظر: الفلسفة المعاصرة، د. وليم فرج، الطبعة الأولى، 1987م، ص186.
[93]  انظر: ساتر.. مفكراً وإنساناً، د. مراد وهبة، د. يحيى هويدي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، ص 32-34.
[94]  انظر: مدخل إلى الفلسفة المعاصرة، البروفيسور، س. ي جود، ترجمة: محمد شفيق شيا، الطبعة الأولى، 1981م، ص157.
[95]  انظر: سورين كيركجورد، د. علي عبد المعطي، ص 343 – 344.
[96]  انظر: المصدر السابق، ص 344.
[97]  انظر: المصدر السابق، ص 348.
[98]  أعمال المحبة، كريكجورد، ترجمة: د/ فؤاد كامل، ص 30 – 31، ضمن نصوص مختارة من التراث الوجودي، طريق الفيلسوف، جان فال، ص 484.
[99]  انظر: حكمة الغرب، ج2، ص196.
[100]  انظر: المصدر نفسه.
[101]  عمل الحب في مديح المحبة، نص مأخوذ من كتاب أعمال المحبة، سورين كيركجورد، ترجمة: فؤاد كامل، ص 31، ضمن نصوص مختارة من التراث الوجودي.
[102]  انظر: المرجع السابق، ص31.
[103]  انظر: مدخل إلى الفلسفة المعاصرة، جود: ترجمة: محمد شفيق شيا، ص 137، 138.
[104]  انظر: المصدر نفسه، ص 137 – 138.
[105]  انظر: المصدر نفسه، ص 138.
[106]  انظر: الفلسفة المعاصرة، وليم فرج، ص 185 – 186.
[107]  مشكلة الإنسان، د. زكريا إبراهيم، دار مصر للطباعة، ص 190 – 191.
[108]  انظر: الفلسفة المعاصرة، وليم فرج، ص191 – 195.
[109]  انظر: الفلسفة المعاصرة في أوروبا، بوشنسكي.