إقليدس : من هو وما نظرية اقليدس وشرح النظرية وقوانين اقليدس

·

·

,

 
ويقسم مؤرخو الرياضيات تطور الأكسيوماتيك الحديث إلى قسمين: تمتد الفترة الأولى من ظهور الهندسات اللاإقليدية وبالتحديد هندسة لوباتشفسكي إلى أعمال هلبرت (Hilbert, 1862-1943) حول أسس الرياضيات، أما الثانية فهي تمتد من أعمال هلبرت إلى أيامنا الحالية، هذه الأخيرة التي تميزت بانتشار وتطور الأفكار الهندسية بالتوازي مع انتشار وتطور المنطق الرمزي أو الرياضي».([45])
 
ويعتبر دافيد هلبرت أول من قدم بناء أكسيوماتيكيا تاما لهندسة غير متناقضة، إذ كانت أبحاث هذا الأخير حول أسس ومبادئ الهندسة نقطة انطلاق لتفكير منهجي وفلسفي([46]).
 
حيث قام هذا الأخير بإعادة صياغة الهندسة الإقليدية فعرضها عرضا أكسيوماتيكيا يمتاز بالدقة والوضوح والتماسك المنطقي، وفي نظره «التفكير بشكل أكسيوماتيكي مرادف للتفكير بشكل واع ودقيق، وذلك بصياغة البديهيات بشكل أكثر عمقا حتى نتمكن من النفوذ إلى ماهية التفكير العلمي، فكل ما يهدف إليه التفكير العلمي عند هلبرت موجود في مقدمة كل تفكير أكسيوماتيكي»([47]).
 
فهدف المنهج الأكسيوماتيكي حسب هلبرت هو توضيح العلاقات بين مختلف أقسام الرياضيات والهندسة بالتحديد. ولهذا اعتبر مؤلفه «أسس الهندسة» دراسة نقدية لمبادئ الهندسة الإقليدية بحثا عن أساس واضح وصحيح لها وذلك لفتح الباب نحو التقدم بالأبحاث في هذا المجال([48]).
 
ومنه يصبح الأكسيوماتيك في نظر هلبرت وسيلة تسمح للإجابة عن العديد من الأسئلة التي تصادف الرياضيين، وبالتالي فإن المفاهيم الجديدة للأكسيوماتيك تختلف اختلافا جذريا عن المفاهيم السابقة التقليدية، كون الأولى ساهمت في حلّ مختلف المشكلات التي ما فتئت تظهر في ميدان الهندسة والتحليل، ومن ثمة أصبحت الدقة ما هي إلا مظهر للمنهج الأكسيوماتيكي، ومن أهم خصائصه بالنسبة لكل من يفهم جيدا هدف كل بحث رياضي»([49]).
 
بالإضافة إلى أعمال وجهود هلبرت في الصياغة الأكسيوماتيكية لمبادئ الهندسة، تلته جهود كل من بيانو (G. Peano 1858-1932)، وديدكند (R. Dedekind 1831-1916) اللذين قدما عرضا أكسيوماتيكيا حول نظرية الأعداد الطبيعية، بالإضافة إلى مجهودات كل من زرميلو (Zermelo) (وكذا بولزانو (Bolzano 1781-1848)،
 
وبمجهودات غوتلوب فريجه (G. Frege 1848-1925) في المنطق الرياضي. ومنذ عام 1939 قامت مجموعة من علماء الرياضيات أغلبهم من الفرنسيين بنشر سلسلة من الكتب القيمة تحت اسم نقولا بورباكي N. Bourbaki، واتخذت هذه السلسلة المنحى التجريدي باستخدامها نظام المسلمات ونظرية المجموعات.
 
 
ومن خلال هذه المجهودات سرعان ما تبلورت النزعة الأكسيومية التي ترى أن «أسس المنطق والرياضيات مبنية على مقولات عامة نسلم بها ولا نحتاج إلى برهنة لبداهتها وتسمى البديهيات، وتعتبر الأساس لاستنباط مقولات أخرى تشكل ما يسمى بالطريقة الأكسيوماتيكية،
 
ومن ثمة فإن المنطق والرياضيات يصدران من نبع واحد أسبق منهما هو هذه الطريقة الأكسيوماتيكية أو ما يسمى بالصورية الخالصة، التي تعني تأسيس المنطق والرياضيات على حدود ومسلمات أولية صورية»([50]).
 
وإذا كانت النزعة الأكسيومية تلتقي مع النزعة المنطقية في التأكيد على الارتباط الوثيق بين الرياضيات والمنطق، وأن قضاياهما صورية محضة إلا أن النزعة الأكسيومية لم تعتبر هذه القضايا صحيحة لكونها صورية، كما ترى النزعة اللوجيستيقية،
 
بل أن المنظومة الاستدلالية هي وحدها التي تعتبر صحيحة لكونها صورية هذا من جهة، ومن جهة أخرى تختلف النزعة الأكسيومية الصورية (الشكلية) -كما يرى الجابري- عن النزعة المنطقية في كون الأولى حصرت اهتمامها في القضايا الرياضية التي تعتبرها صيغا لرموز متواضع عليها، رموز لا تحمل أي معنى محدد وليس لها أي مدلول خارجي،
 
ومن هنا تكون الرياضيات منحصرة في معرفة كيفية استبدال صيغة رمزية بصيغة رمزية أخرى، أما النزعة الثانية (النزعة المنطقية) فهي ترى أن الأوليات الرياضية لها معان في الخارج»([51]).
 
ب- ضرورة المنهج الأكسيومي
 
إن المنهج الذي نريد الحديث عنه لا يخص مشكلة محددة، وإنما هو منهج التفكير الرياضي، فما هذا المنهج الخاص بالفكر الرياضي؟ هل الرياضي بحاجة إليه؟ إنه المنهج الأكسيومي الذي حاول في البداية تجنب البداهة والوضوح، الحدس، والتعريفات الساذجة، رفض إذن العودة إليها عن طريق وضع تصورات أولية وأكسيومات ينطلق منها الرياضي.
 
وإذا ما تحدثنا عن الأكسيوماتيكية، مباشرة نتطرق إلى هلبرت إذ المنهج الأكسيومي ابتداء منه «أصبح الطريق الأسهل لمعالجة ودراسة المسائل الرياضية»([52]).
 
ففي سنة 1899 شارك هلبرت في مؤتمر سنوي حول الرياضيات بموضوع «حول نظرية العدد» وهي المداخلة التي نرت سنة 1900([53])، عرض من خلاله آراءه حول أسس علم الحساب، وذلك بعد أن تطرق بالحديث إلى المنهج التكويني والمنهج الأكسيومي
 
والمقارنة بينهما على أساس أن الأول يستخدم في علم الحساب، والثاني يستخدم في الهندسة، محاولا الوصول من خلال هذه المقارنة إلى تحديد أيهما أصلح لتأسيس الرياضيات.
 
حسب هلبرت المنهج التكويني يقوم أساسا على توسيع مفهوم العدد، فالأعداد السالبة تعرّف من خلال تطبيق مبدأ تعميم طرح الأعداد الموجبة (5 – 6 = 1-)، الأعداد الناطقة تعرف بتطبيق مبدأ تعميم القسمة على الأعداد الموجبة والسالبة، والأعداد الحقيقية هي عبارة عن تقطعات بين الأعداد الناطقة،
 
فهو إذن منهج يهتم أساسا بتكوين أكبر قدر ممكن من الأعداد بالاعتماد على الأعداد التي تم تكوينها، ولذا فإن المنهج التكويني عبارة عن «مفهوم عام للعدد الحقيقي والذي تمّ تكوينه من خلال الامتدادات المتتالية للمفهوم البسيط للعدد»([54]).
 
أما المنهج الأكسيومي فهو يعرّف الأعداد من خلال «العلاقات التي تعتمدها، وهو يقوم أساسا على إيجاد مجموعة من الأشياء، من المواضيع، تطبق عليها مجموعة من العلاقات التي يعرّفها في أكسيومات معينة»([55])، فهو إذن عبارة عن نسق من المواضيع، بينها علاقات حددت بالأكسيومات،
 
وفي هذا الإطار هلبرت لم يكن راضيا عن منهج التقطعات لأنه «يفرض مجموعة الأعداد الناطقة لتعريف العدد الحقيقي، ولهذا فهو يفضل تعريفا أكسيوميا للعدد الحقيقي»([56]).
 
فتعريف ديدكند لا يمدنا إلا بالثانوي، بينما التعريف بالأكسيوم يحدد ويميز التصور، ولهذا نستنتج مما سبق أن المنهج الأكسيومي هو أفضل وأولى من المنهج التكويني ويقرّ هلبرت هذا الحكم، لسببين:
 
المنهج التكويني سبّب الكثير من الصعوبات المنطقية إذ أن وجوده «ارتبط بحدوث الكثير من التناقضات المنطقية»([57])، بينما المنهج الأكسيومي خال من هذه الأخطاء، ومن الصعوبات ولا يمكن التشكيك في مصداقيته. فمن أجل تأسيس نظرية ما وإثبات مجموعة من مفاهيم لها علاقة بالنظرية، يكفي تأسيس نسق من الأكسيومات، مع التأكيد بأنها تحقق الخصائص المنطقية اللازمة حتى تكون بمعزل عن التناقض.
إن المنهج الأكسيومي هو منهج منتج ومثمر وخصب، فضلا عن كونه يؤسس علم الحساب، لأن النظرية ممثلة بنسق من العلاقات يمكن أن تظهر في مجالات أخرى كالفيزياء…
ولذا فإن هلبرت جعل من المنهج الأكسيومي أساسا لتأسيس علم الحساب، ومن قبله فريجه جعله أساسا لتأسيس المنطق، ديدكند وكانتور جعلاه أساسا لنظرية المجموعات.
 
ونلمس موقف كفاييس من هلبرت من خلال قوله: «رأيي أنه رغم القيمة البيداغوجية والكشفية للمنهج التكويني، المنهج الأكسيومي هو الأفضل بالنسبة لتمثيل نهائي ودعم منطقي لمحتوى معرفتنا»([58])، ويدعم كفاييس موقفه بنظرية الأعداد الحقيقية التي تجنبت صعوبات وجود نسق من الأعداد الحقيقية وبصورة عامة المجموعات اللامتناهية، وهي الصعوبات التي تتكون باعتماد المنهج التكويني.
 
وإذا كان هلبرت قد عرّف العلاقات بين الأشياء من خلال الأكسيومات، فإن كفاييس قد ترجم تلك العلاقات بالإجراءات، حيث يرى أن الأكسيومات عبارة عن إجراءات،
 
عن أفعال (Gestes) يقول: «إنه من خلال الحكم المسبق الواقعي نهتم بالأشياء، ولكن ما يهم هو تتابع وتسلسل إثباتاتنا هو ما يحكم ويدير هذا التسلسل، هو معرفة النشاط الفكري»([59]).
 
وفضلا عما سبق يرى كفاييس أن النظرية هي عبارة عن تأسيس هيكل من التصورات يسمح برتيب الأحداث، وتأسيس هذا الهيكل يتم من خلال بعض النظريات تكفي لكي تستنتج منها منطقيا ما تبقى من النظريات([60]).
 
وهذا يعني أن الرياضي ينطلق من بعض النظريات، ثم يستنتج بقية النظريات وقد تكون رياضية، أو لها علاقة بعلوم أخرى كالميكانيكا والفيزياء، كمعادلات لاقرانج في الميكانيكا، ونظرية الإشعاعات «لكيرشوف» (Gustav Robert Kirchhoff 1824- 1887)، ومنه فإن المنهج الأكسيومي لا يسمح فقط بتأسيس الرياضيات، ولكن بتبرير تطبيقها الشامل في علوم الطبيعة، «وكل ما يكون موضوعا للفكر العلمي هو مرتبط مباشرة بالمنهج الأكسيومي ومنه فهو ينتمي إلى الرياضيات»([61])،
 
فحسب هلبرت إن الصرح العلمي أو لنقل الخاص بالعلوم، والذي رسم وبني بالاعتماد على المنهج الأكسيوماتيكي تظهر الرياضيات فيه كموجه رئيسي، فلها إذن دور فعال في بناء هذا الصرح. ويعزز كفاييس رأي هلبرت حيث يرى أن الرياضيات الأكسيوماتيكية توصلنا إلى «تكوين ماهية الفكر العلمي»([62])،
 
ولهذا فهو بطريقة غير مباشرة جعل من المنهج الأكسيومي وسيلة للتوحيد بين العلوم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على «نجاح المنهج الأكسيومي في سنواته الأخيرة»([63]).
 
وقد ترتب عن تطبيق هذا المنهج تأسيس نظرية الأجسام عند ديدكند و«ستينتز» ( Ernest Steinitz 1871-1928)، وكذلك نظرية الفضاءات المجردة (الطوبولوجيا العامة) عند فريشي (Maurice René Fréchet 1878-1973). وهذا من خلال تعميم مفهوم الفضاء.
 
وخلاصة لما سبق، نصل إلى أن الأكسمة هي نشاط فكري يتم داخل الرياضيات ذاتها (الإجراءات الرياضية)، فهي تقوم بعزل وتصفية الطرق التي تكوّن مركز النظرية، ومن خلال هذا العمل، تشارك في تطور وامتداد الرياضيات، وكون الرياضيات تفكر في ذاتها «فهذا أحد محركات تطورها»([64])،
 
وبتعبير آخر من العوامل الأساسية التي ساعدت الرياضيات على التطور، إنها إذن أحد سياقات التطور، أحد أنماط الفكر الرياضي ولا يمكن التخلي عنها.
 
لكن سؤال آخر يطرح: تحت أي ظرف يمكن تأسيس الفكر الرياضي؟ بمعنى ما هي الروط التي يجب توفرها لكي يكون المنهج الأكسيومي خصبا ويؤدي وظيفته؟
 
خصائص المنهج الأكسيومي:
في 8 أوت 1900 اغتنم هلبرت الفرصة التي سنحت له في المؤتمر الدولي الثاني للرياضيات في باريس، وعرض 23 مسألة توضح وتعبر عن اتجاهه الرياضي المنطقي وقد أطلق عليها اسم: «المسائل الرياضية»([65]).
 
وقد اختار هذه المسائل لاعتقاده بأن الرياضيات ستتطور نتيجة الحلول المقدمة لهذه المسائل، فهي إذن «العلامة على أن التخصص ما زال حيا، وأن الباحث الذي يسعى إلى حلها سيحقق ربحا يتمثل في توسيع نظرته عن الذات (Le sujet)» ([66]).
 
فهلبرت يرى أن البحث عن الحلول يؤدي إلى إيجاد حقول جديدة من البحث، وبهذه الطريقة تتواصل الحياة، وقد دامت هذه المسائل أكثر من قرن، والرياضيون يبذلون قصارى جهدهم من أجل إيجاد حل لها، فهو إذن قرن من الاكتشافات، وعدد كبير لا يحصى من التطبيقات وخاصة في مجال الفيزياء.
 
ومن بين المسائل التي طرحت في الملتقى المسألة رقم 2 ([67]) (مسألة علم الحساب):
 
هل يمكن أن نبرهن على قوة وتماسك علم الحساب؟
 
هل يمكن البرهنة على أن أكسيومات علم الحساب ليست متناقضة؟ ومن ثمة هل هي مستقلة؟
 
إن الإجابة على هذه المسألة، يتضمن الحديث عن خصائص النسق الأكسيومي عند هلبرت، إذ أنه يمكن استنتاج هذه الخصائص من خلال التساؤلات التي طرحها هلبرت، وتتمثل في: اللاتناقض (عدم التناقض)، الاستقلالية، الكفاية أو التشبع.
 
اللاتناقض:
إن اللاتناقض أو عدم التناقض مسألة منطقية مهمة في إقامة النسق الإقليدي، فالقضيتان المتناقضتان لا يمكن أن تقبلا في نسق واحد بعينه، لأن تناقض النسق يحطم ذاته ولهذا تماسك النسق يعني لا تناقضه واللاتناقض: «هو استحالة استنتاج منطقيا من الأكسيومات نتيجة تناقضها»([68])،
 
فالنسق هو متين ويقيني عندما لا يمكننا استنتاج من الأكسيومات قضية تكون نفي لإحداها و «الأكسيومات هي متماسكة ويقينية، أي أن متتالية متناهية من الاستنتاجات تنطلق من هذه الأكسيومات، لا يمكن أبدا أن تؤدي إلى تناقض»([69]).
 
ففي مقاله «أسس الهندسة» برهن هلبرت على تماسك ويقينية الأنساق بعرض نماذج، أثبت من خلالها أن التناقض في الأكسيومات يستلزم تناقضا في النظرية الذي ينتمي إليها النمط (سواء كان رياضيا أو فيزيائيا أو فلكيا..).، ولهذا فقوة النسق يتحقق بقوة النظرية، فمثلا «تناسق ويقينية الأكسيومات الخاصة بالهندسة دون أكسيوم التكامل هو مؤسس على نمط الأعداد الجبرية الذي يحقق من طرف علم الحساب»([70])،
 
بينما «تناسق وقوة النسق بما فيه أكسيوم التكامل هو مؤسس على نمط الأعداد الحقيقية والذي يتحقق بالتحليل وهذا ما يمده بأمن جزئي»([71]).
 
لتوضيح هذا الشرط قدم هلبرت في مقاله «مسائل رياضية» أمثلة سواء في الهندسة، في نظرية المجموعات، في الفيزياء لكي يبرهن على ضرورة لا تناقض الأكسيومات ومن ثمة التأكيد على اتساقها. ولتحقيق هذا الشرط يجب البرهنة على النظرية وعلى نقيضها في بناء النسق الأكسيومي،
 
فكلما كان ذلك ممكنا كان هذا النسق متناقضا، غير أن هذا المعيار غير كاف بمفرده لمعرفة ما إذا كانت أوليات الأكسيوماتيك متناقضة أو غير متناقضة، لأن النتائج والنظريات الموجودة في النسق غالبا ما تكون غر محددة، لذا من الصعب كما يقول الجابري «استنفاد جميع النتائج التي تسمح ببناء أكسيومي،
 
الشيء الذي يرك احتمال الوقوع في تناقض احتمالا قائما»([72]). ولهذا فإن مسألة عدم التناقض هي إحدى الصعوبات التي لم يستطع مؤيدو الأكسيوماتيكية التغلب عليها وقد «تؤدي إلى العودة إلى التجربة وإلى الحدس الحسي من خلال التأويلات المقدمة للنسق»([73]).
 
الاستقلالية:
إن أكسيومات النسق هي مستقلة، وتكون كذلك عندما «يعجز الرياضي عن استنتاج أي أكسيوم من الأكسيومات الأخرى بواسطة البراهين المنطقية»([74]).
 
يرى هلبرت أن أكسيومات المجموعات IV, II, I المختلفة، من السهل البرهنة على أنها كلها مستقلة. فالبرهنة على استقلالية الأكسيوم A عن مجموعة الأكسيومات X، تعود إلى يعني البرهنة على لا تناقض النسق الذي يحتوي الأكسيوم A، ولن يكون هناك أي خطأ منطقي.
 
وهناك علاقة وطيدة بين البرهنة على لا تناقض وتماسك النسق، وبراهين استقلالية الأكسيومات التي هي: «مهمة ليس فقط بالنسبة لجمال التمثيل،
 
ولكن لفعالية النظرية ذاتها، فدراستها تقوم بالكشف على العلاقات المنطقية المخفية»([75]).
 
ولكي يعزز موقفه ويوضحه، استشهد كفاييس بأعمال كل من «فابلن» Oswald Veblen 1880-1960 الذي اهتم بأكسيومات الهندسة والرتيبو «هنتغتون» (Edward Vermilye Huntington1874-1952) الذي اهتم بأكسمة جبر المنطق»([76])،
 
فكلاهما أكدا على الاستقلالية المحددة والدقيقة (affinée)، وهي وسيلة للتوصل في الهندسة إلى معطيات تحتوي على أقل قدر ممكن من الأجزاء المشركة، يقول كفاييس: «يجب من جهة أخرى التمييز بين استقلالية المعنى (indépendance de sens) واستقلالية الإثبات (indépendance d’affirmation): إن الأكسيوم يمكن أن يوضع دائما على شكل فرضية، حيث استقلالية المعنى يختص بالفرضية بينما استقلالية الإثبات بالنتيجة»([77]).
 
الكفاية أو التشبع:
إن استقلالية المعنى تسمح بتقديم منطقيا مفهوم تشبع (saturation) النسق، «فبين كل الاحتمالات لعلاقة ذات حدين أو ثلاثة حدود، فإن دور كل أكسيوم لاحق هو أن يضع حدا (une limitation) ([78]). ويمكن أن يصاغ تعريف التشبع كما يلي: «إن النظرية هي متشبعة، إذا كانت كل قضية مصاغة في مفاهيم أساسية هي إما قابلة للبرهنة أو مرفوضة (مما يعني أن ننفيها قابل للبرهنة) في النظرية([79]).
 
وأثناء حديثه عن التشبع، تطرق كفاييس إلى المطلقية، فالنظرية تكون يقينية عندما تكون نماذجها متماثلة متكافئة (Isomorphes)، وتكون كذلك إذا كانت تحقق تقابل واحد بواحد (bijection)، التي تجعل الخصائص الموجودة في الأكسيومات ثابتة.
 
في كتاب «أسس الهندسة» لهلبرت خاصية التشبع لا تظهر بوضوح، لكن أكسيوم التمام يبدو أن وظيفته ضمان نوع من المطلقية وبمعنى أعم التشبع، وفابلن هو الذي أشار إلى المطلقية في مقابل « الأنساق الانفصالية (disjonctifs) التي يمكن أن نضيف أكسيوما مستقلا، وهنا نضطر إلى إخضاع أحد النماذج إلى الأكسيوم الجديد والنمط الثاني إلى نفيه، وهنا لن يكون هناك تكافؤ وهذا مستحيل([80]).
 
وعن علاقة المطلقية بالتشبع، فالأولى تؤدي إلى التشبع، لأن الأخيرة تلتقي مع استحالة التفرع، ولكن هذا لا يعني أيضا تطابقهما فهما منفصلان، وتاريخيا التشبع ظهر قبل الثانية وتكلم عنها هلبرت في مقاله: «حول تصور العدد» بإعطائه المعنى الثاني: «إن نسق الأكسيومات يكفي للبرهنة على كل القضايا الهندسية»([81]) ولكن كما يقول كفاييس لم يبينّ كيف يمكن البرهنة على صدقها وعلى تشبع الأكسيومات،
 
بالرغم أنه ركز مطولا على اللاتناقض والاستقلالية. وعلى العكس فإن فابلن توصل إلى فكرة التمام من خلال مفهوم التعريف الشامل التام، والذي رد إليه هنتغتون أكسمة الأعداد الحقيقية، ومنه فقد قدم فابلن وسيلة لتبريرها من خلال نسقه.
 
وبهذا فلكي يكون المنهج الأكسيومي مشروعا، يجب توفر الخصائص الثلاث السابقة الذكر. وكإجابة على السؤال المطروح أعلاه حول إمكانية البرهنة على لا تناقض واستقلالية الأكسيومات فقد قدم غودل سنة 1931 جوابا، وذلك من خلال نظريته الخاصة باللاتمام (incomplétude) أو النقص.
 
رابعا: هل الأكسمة كافية لتأسيس الرياضيات؟
 
من خلال عرض مكوَنات النسق الاكسيومي وشروط الأكسيومات، يجدر بنا أن نتساءل عن مصداقية هذا النسق وهل بالفعل يمكن الاعتماد في التأسيس للرياضات؟
 
عرض كفاييس مجموعة من ملاحظات نلخصها في النقاط التالية:
 
إن الأكسيومات الهلبرتية اعتمدت على مجموعة من مفاهيم حسابية أولية (مثلا توجد نقطتان على مستقيم، أربعة نقاط على مستوي..).، كما اعتمدت أيضا على مفاهيم حسية، مفاهيم الوجود، الأشياء، تقابل (نقطتان تقابل مستقيم) ونأخذ كمثال: إذا كان لدينا نقطتان A وBعلى مستقيم واحد، توجد نقطة ثابتة C حيث B يكون بين A و .C
الأكسمة هي بعدية أي تتأسس بعد تكوين النظرية،
 
فهي لا تقوم إلا بتصفيتها مما هو حسي، لكن في حالة الجبر ونظرية المجموعات، فإن أكسيوم الاختيار هو الذي يخرع نظرية جديدة، وفي هذه الحالة هي مجرد وصف لإجراء عرف من قبل في نظرية أوسع، وعليه فإن الأكسيومات لها وظيفة التعريف أو فقط وصف بعض المفاهيم التي تمّ الحصول عليها من نظرية ساذجة،
 
ولهذا الرياضي يقوم بإدراج مفاهيم أخرى يُفرض أنها معلومة، ولهذا فإن الأكسيومات لا تُقدم إلا تعريفا للمفاهيم، الخصائص المميزة للعلاقات التي تكون بين الأشياء، لكن في هذه العبارات تظهر إلى جانب المفاهيم التي تهدف إلى تعريفها، مفاهيم كالعدد والمجموعة والدالة أعيرت إلى نظريات أكثر بساطة،
 
وهذه أيضا ثم افتراضها في تفرة الأكسمة.
الأكسمة تُرد إلى معطى النسق المزدوج: المعطى الخارجي للنسق يتمثل في مجموع التصورات التي أعارها الاهتمام بتعريفها في النظريات الأولية، والمعطى الداخلي للنسق ويتمثل في الوحدة الإجرائية التي تقوم بتميزه وتخصيصه.
 
والمنهج الأكسيومي إذن يجب أن يبطل مفعول هذا المعطى المزدوج، وإلا سيبقى تابعا للرياضيات الساذجة ولا يمكن إذن للرياضيات أن تُؤسَس، ومن جهة أخرى لاسترجاع المعطى الخارجي، يجب أكسمة الصرح الرياضي كاملا، وإذا كان كذلك وإذا كانت النظريات المؤسسة هي كذلك، وإذا كانت كل النظريات الرياضية هي أكسيوماتيكية، إذن المعطى الخارجي قد أعيد تكوينه من طرف المنهج الأكسيومي حيث النسق لا يرد إلى نظريات ساذجة بل إلى أنساق أخرى في الصرح الأكسيومي.
 
الأكسيومات إذن هي مثل نواة تحدد طبيعة النسق وتسمح بالوصول إلى القضية أو نقيضها والنسق المشبع يحتوي على وحدة خاصة تختلف عن تلك الخاصة بالنظرية الساذجة ولا يمكن ردها إليها، وكنتيجة، يجب تحويل النسق الرياضي إلى تطابق الأنساق، حيث نبرهن على اللاتناقض والتشبع بينما استقلالية الأكسيومات أقل أهمية.
إن التشبع يفرض نظرية للبرهنة،
 
إذ يتعلق الأمر بإمكانية البرهنة على قضية ما أو نفيها، ولهذا يجب تحليل البراهين الممكنة في النسق، والبرهان الرياضي يجب أن يكون موضوعا لنظرية رياضية، كما هو الشأن بالنسبة لعالم الفلك أو الفيزيائي أو حتى الفلسفي الذي يهتم بنقد العقل، فيجب إذن تحليل البراهين الممكنة في النسق،
 
وأن نبين أن لا برهان يؤدي إلى تناقض ولهذا فنظرية البرهنة تفرض ذاتها.
 
وأخيرا فإن هلبرت سنة 1904، اعرف أن علم الحساب لا يمكن تأسيسه على المنطق، وقبل هذا العام وفي مقال «أسس الهندسة» أكد هلبرت أن المنهج المستعمل للبرهنة على التماسك في أسس الهندسة، لا ينطبق على علم الحساب، لأنه أولي ولا يمكن البرهنة على لا تناقضه،
 
فيقول هلبرت: «يجب هذه المرة الاعتماد على الطريق المباشر… أنا مقتنع بالنجاح… إذا ما طبقنا… المناهج… المعروفة لنظرية الأعداد اللاناطقة». فالمفاهيم المنطقية تفرض المفاهيم الرياضية، وخاصة العدد، ولكن على العكس الرياضيات تستخدم ومن ثم تفرض المنطق، إذن هما واحد،
 
فيجب أن يتطورا (بالتوازي) وإعادة تعريفهما صوريا بواسطة أنساق الرموز والقواعد، وتأسيسهما بالعودة إلى نظرية البرهان.
إن الحديث عن علاقة بل عن تطابق المنطق والرياضيات، يجعلنا نؤكد علاقة الصورنة بالأكسيوماتيكية، على أساس أن الأولى هي نقد البراهين والثانية هي نقد المبادئ العامة،
 
كما أن الرموز تلعب دورا كبيرا في عملية الصورنة والأكسمة. فالإجراءات والمواضيع تمثل في نسق من الرموز، وهذا النسق يسمح باستنتاج مجموعة من القواعد، دون العودة إلى الحدس الحسي للمواضيع أو إلى القوانين الملازمة عن الفكر، كما أن الرموز لها أهميتها بالنسبة للتعبير عن القواعد المنطقية للبراهين.
 

المراجع

د. بن ميسي زبيدة مونية (*)
 
(*) المدرسة العليا للأساتذة قسنطينة/ الجزائر.
 
[1] صلاح عثمان: الاتصال واللاتناهي بين العلم والفلسفة، منشأة المعارف، مصر، 1998، ص ص 99-100.
 
[2] عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم، العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، د. ط، 2006، ص 74.
 
[3] المرجع نفسه: ص 103.
 
[4] المرجع نفسه: ص 72.
 
[5] André Warusfel : Les mathématiques modernes, Ed Seuil, Paris, 1967, p. 7.
 
[6] محمد عابد الجابري: مدخل إلى الفلسفة العلوم، مرجع سابق، ص 74.
 
[7] Rudolph Bkouche : Euclide, Klein, Hilbert et les autres, dans la rigueur et le calcule, Cedic, Paris, 1982, p 13.
 
[8] Robert Blanché : Op. cit, p 21.
 
[9] Rudolph Bkouche : Op. cit, p 15.
 
[10] Ernest Havet : Pensées de Pascal, Dezobry-E Magdeleine Sorbonne, 1852, p 442.
 
[11](( محمد عابد الجابري: مرجع سابق، ص .74
 
[12] Rudolph Bkouche : Op. cit, p 15.
 
[13] Ibid, p 17.
 
[14] François Lurçat : L’autorité de la science, édition Cerf, Paris, 1995, p 148.
 
[15] كامل محمد محمد عويضة: إقليدس بين الفلسفة والمنهج الرياضي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1994 ص 76.
 
[16] غاستونباشلار: الفكر العلمي الجديد، ترجمة: عادل العو، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 4، 1996، ص 14.
 
[17](( فاروق عبد المعطي: فيثاغورس فيلسوف علم الرياضة، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1994، ص 09.
 
[18] نفس المرجع، ص 81.
 
[19] R. Blanché : Op. cit, p18.
 
[20] Ibid, p19.
 
[21] كامل محمد محمد عويضة: مرجع سابق ص: 90.
 
[22] Rudolph Bkouche : Op. cit, p 16.
 
[23] R. Blanché : Op. cit, p21.
 
[24] Gilbert Arsac : L’axiomatique de Hilbert et l’enseignement de la géométrie , Aléas Irem, Lyon, 1998, p. 107.
 
[25] Paul Barbarin : La géométrie non euclidienne, Ed Jacques Gabay, Paris, 3 me édition, 1990, p6.
 
[26] هانز رايشنباخ: نشأة الفلسفة العلمية، ترجمة فؤاد زكريا، دار الوفاء لطباعة والنشر، الإسكندرية، د. ت، ص 123.
 
[27] K. Jaouiche : la théorie des parallèles en pays d’islam, J. Vrin, Paris, 1986, p. 11
 
[28] Jean Dieudonné :Abrége d’histoire des mathématiques ,Hermann, Paris, 1996, p419.
 
[29] K. Jaouiche :Op. cit, p 14.
 
[30] فذوي حافظ طوقان: العلوم عند العرب، دار القراءة، بيروت، ط 2، .1983 ص 222.
 
[31] Paul Barbarin : Op. cit, p. 20.
 
[32] Rudolf Bkouche : Op. cit, P 34.
 
[33] J. Paul Henner : d’Euclide à Gauss, dans la Méridienne. http://w.w.w.Uriv-orelans.fr/irem/groupes/épistemus/meridieme/templates/htm
 
[34] Jean Dieudonné : Op. cit, p 420.
 
[35] J. Cavaillès : Méthode axiomatique et formalisme, Op. cit, p 62.
 
[36] أندريه لالاند: المعجم الفلسفي، م1، منشورات دار عويدات، بيروت، ط 2، 2001، ص 126.
 
[37] عبده الحلو: معجم المصطلحات الفلسفية، المركز الربوي للبحوث، والإنماء، لبنان، ص 15.
 
[38] عابد الجابري: مرجع سابق، ص 81.
 
[39] المرجع نفسه، ص 81.
 
[40] روبير بلانشيه: الأكسيوماتيك، الأكسيوماتيك-المصادريات، ترجمة محمود العنوبي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، د. ت.، ص 38.
 
[41] المصدر نفسه: ص 09.
 
[42] المصدر نفسه: ص 38.
 
[43] روبير بلانشيه: نظرية العلم: الابستيمولوجيا، ترجمة محمود العنوبي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، د.ت، ص 90.
 
[44] http://philo-GTe-met?Tex=Tex07
 
[45] P. S. Novikov : Introduction à la logique, Dunon Editeur, p 01.
 
[46] Encyclopédie Universalise : Corpus 11, p 409.
 
[47] Ibid, p 409.
 
[48] Gilbert ARSAC : l’Axiomatique de Hilbert, Aléas éditer Lyon, Paris, 1998, P 17.
 
[49] Commission international de l’enseignement mathématique (CIEM) : tendances nouvelles de l’enseignement des mathématiques, Volume, UNESCO, Paris, 1972 P 250.
 
[50] بشير بن صالح: المنطق ومناهج البحث العلمي، مكتبة اقرأ، قسنطينة، د. ت، ص 123.
 
[51] عابد الجابري: مرجع سابق، ص ص: 105 – 106.
 
[52] H. Sinaceur : Corps et modèles sur l’histoire de l’algèbre réelle, J.Vrin, 1991, P. 185.
 
[53] J. Cavaillès : Méthode axiomatique et formalisme, Essai sur le problème du fondement des mathématiques, Hermann, Paris, 1981., p 74.
 
[54] Jacqueline Boniface : Op. cit, p 200.
 
[55] D. Hilbert: Nouvelle fondation des mathématiques, Première communication, dans Largeault : Intuitionnisme et théorie de la démonstration, p 113
 
[56] H. Sinaceur : Corps et modèles sur l’histoire de l’algèbre réelle, Op. cit, p 220.
 
[57] Hilbert: Nouvelle fondation des mathématiques, Op. cit, p113.
 
[58] J. Cavaillès : Méthode axiomatique et formalisme, Op. cit, p 76.
 
[59] Ibid, p 77.
 
[60] Idem.
 
[61] D. Hilbert: Méthode axiomatique, revue l‘enseignement mathématique, Volume 20, 1918, p 136.
 
[62] J. Cavaillès : Méthode axiomatique, Op. cit, p 78.
 
[63] Ibid, p. 78.
 
[64] J. Cavaillès: Op. cit, p 79.
 
[65] D. Hilbert: problèmes mathématiques, revue l‘enseignement mathématique, Vol 2, 1900, pages 349-357.
 
[66] Jeremy J. Gray: Le défi de Hilbert, un siècle de mathématique, Tr ChristosGrammatikas, Dunod, 2003, p93
 
[67] D.Hilbert : problèmes mathématiques, Op. cit, p 351.
 
[68] D. Hilbert: Les principes fondamentaux de la géométrie, Op. cit, p 26.
 
[69] Ibid, p26.
 
[70] J. Cavaillès : Méthode axiomatique et formalisme, Op. cit, p 81.
 
[71] P.C Noguès : De l’expérience mathématique, Op. cit, p 99.
 
[72] محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة، مرجع سابق، ص: 85.
 
[73] P.S Novikov : Introduction à la logique mathématique ,Op. cit, p.3.
 
[74] D Hilbert: Les principes fondamentaux de la géométrie, Op. cit, p 28.
 
[75] J. Cavaillès : Méthode axiomatique et formalisme, Op. cit, p 82
 
[76] Gilbert Hottois : Penser la logique une introduction technique et théorique à la philosophie,Op. cit, p17.
 
[77] J. Cavaillès : Méthode axiomatique et formalisme, Op. cit, p 82.
 
[78] Ibid, p 83.
 
[79] Ibid, p 83.
 
[80] Ibid, p84.
 
[81] Ibid, p84.