الفلسفة الوجودية عند سارتر وهيدجر

·

·

 الفلسفة الوجودية عند سارتر

العنوان : الوجودية بين هيدجر وجان بول سارتر
الكاتب  : الدكتور. صلاح شنيب*

الصفات الأساسية المشتركة بين الفلسفات الوجودية

هناك صفات عامة مشتركة بين مدارس الوجودية المختلفة إذا اجتمعت في مدرسة انطوت حتما تحت اسم ” الفلسفة الوجودية ” من هذه الصفات :
  • 1. أنها تتبع من تجربة حياتية معاشه يطلق عليها اسم ” التجربة الوجودية ” فهي مثلا عند “ياسبرز” الإحساس المرهف بمدى ميوعة وهشاشة الوجود الإنساني، وعند ” هيدجر المضي نحو الموت .. وعند سارتر الإحساس بالغثيان والتقزز ([1])
  • 2. ” الوجود” المركز الأساسي الذي تدور حوله أبحاثهم وغالبا ما يعنون به المظهر الإنساني المحض للوجود فالإنسان متواجد – و- أنا – موجود لذاته – كما يشير إليه الوجوديون والإنسان وحده هو الذي يحتوي الوجود. أي أنه هو ” عين وجوده ” وإذا كان للإنسان ماهية فماهيته هي وجوده أو هي حصيلة وجوده .
  • 3. الوجود صيرورة لا سكون – والسكون يعني الموت – الوجود يمر بصيرورة متواصلة لا يسكن أبدا بل أنه في صيرورة دائبة ( تبدع نفسها عن طريق الحرية ) فهو مشروع ([2]) متخلق وهو في كل لحظة زيادة أو نقصان لم يكن عليه وأن الوجود لا ينفصل عن “التزمن” أبدا.
  • 4. الإنسان – عند الوجوديين – ليس ذاتا منغلقة على نفسها- كما يعتقد البعض – بل إنه على العكس من ذلك تماما- شديد الصلة بالعالم وبالآخرين ـو قد أعطي الوجوديون مفهوم الارتباط بالآخرين معنى خاصا فنجد أن ” هيدجر قد سماه ” الوجود مع الآخرين ” و”ياسبرس” سماه ” الاتصال ” و” مارسل ” سماه ” اقتحام الذات ” اقتحام وجود الأنت” الارتباط بالآخرين معنى خاصا فنجد أن ” هيدجر قد سماه ” الوجود مع الآخرين ” و”ياسبرس” سماه ” الاتصال ” و” مارسل ” سماه ” اقتحام الذات ” واقتحام وجود الأنت”.
  • 4. ليس هناك موضوع ومحمول في الوجودية ([3]) (فالوجودية من أشد أعداء المعرفة العقلانية لأن العقل في رأيهم لا يوصل إلى معرفة حقيقية، بل عن طريق ممارسة الواقع وتعني ممارسة لتجربة القلق، فالقلق هو الموقف الذي يدرك فيه الإنسان قمة تلاشي ماهيته الإنسانية كما يدرك خلاله مدى ضالة وضياع موقفه في العالم فالإنسان ” ما ألقى في العالم إلا ليبدأ مسيرته نحو الموت ([4])
تمهيد :ليس هناك موضوع ومحمول في الوجودية ([5]) فالوجودية من أشد أعداء المعرفة العقلانية لأن العقل في رأيهم لا يوصل إلى معرفة حقيقية، بل عن طريق ممارسة الواقع وتعني ممارسة لتجربة القلق، فالقلق هو الموقف الذي يدرك فيه الإنسان قمة تلاشي ماهيته الإنسانية كما يدرك خلاله مدى ضالة وضياع موقفه في العالم فالإنسان ” ما ألقى في العالم إلا ليبدأ مسيرته نحو الموت ([6])
الفلسفة الوجودية عند سارتر وهيدجر

تعريف الوجود

أ- تمهيد:
تعتبر مسألة ” الوجود” من أهم المشكلات التي عالجتها الفلسفة على امتداد تاريخها الطويل حيث نلاحظ أن المحاولات الفلسفية الأولى في الشرق القديم وعند الأغريق تنصب على تفسير الوجود لمعرفة حقيقته وأصله مادة أم روح وحدة أم كثرة … ([7])، وامتد البحث في الوجود في الفلسفة الإسلامية والمسيحية الوسيطة، وتبرز مشكلة الوجود في الفلسفة الحديثة والمعاصرة عالجتها تلك الفلسفات ، وتعرف الفلسفة أحيانا بأنها “علم القوانين العامة للوجود” ([8])

ب – الوجود : Being- Etre

أكثر المفاهيم تجريدا وهو بهذا المعنى يجب تمييزه عن الواقع والوجود الإنساني والحقيقة الواقعية، والتي هي تعريفات أكثر عينية وأكثر عمقا للعمليات والظواهر الموضوعية حيث ترتب المعاني فيما بينها تبعا لدرجة التجرد فتنتظم تبعا لذلك العلوم الطبيعية فرياضة، وإذا مضينا أكثر في التجريد نصل إلى أعم المعاني إطلاقا وهو معنى الوجود مبرئا من أي تخصيص وتعيين، والملاحظ أن أكثر الفلاسفة يرون أن الوجود لا يعرف، إذا ليس للوجود حد أو رسم وما من معنى أوضح وأجمل من معنى الوجود يرسم به وما من شيء يدرك إلا ويدرك موجودا إما في الحقيقة أو في الذهن فكل ما يعرض للوجود فهو موجود لذا صار الوجود أول المعاني لبساطته القصوى وأول ما يقع في الإدراك لعمومه الشامل و(الوجود مقابل للعدم، وهو بديهي فلا يحتاج إلى تعريف، إلا من حيث أنه مدلول للفظ دون آخر) ([9])، يقول الشيخ الرئيس – ابن سيناء- ( الموجود لا يمكن أن يشرح بغير الاسم لأنه مبدأ أول لكل شرح فلا شرح له بل صورته تقوم في النفس بلا توسط شيء) ([10]).
و لفظ ” الوجود” يقال بمعنيين أحدهما كمصدر وهو ” الوجود والآخر كاسم ( أي الموجود) والأول يعني فعل الوجود أو الوجود بالفعل وقد يعني ما يعنيه الاسم نفسه أي الموجود، أما الثاني وهو الاسم أو الموجود فمعناه الماهية الحاصلة على الوجود أو التي يلائمها الوجود فيمكن أن توجد وقد يعني أيضا الوجود حاصلا أو ممكنا، (الوجود عند الفلاسفة المدرسين مقابل الماهية، لأن الماهية هي الطبيعة المعقولة للشيء والوجود هو التحقق الفعلي له، وكون الشيء حاصلا في التجربة غير كونه ذا طبيعة معقولة، ومن الفلاسفة من يقول إن وجود الشيء زايد على ماهيته كا ابن سيناء الذي يرى ” أن الوجود عرض في الأشياء ذوات الماهيات المختلفة محمول عليها خارج عن تقويم ماهيتها (منطق المشرقين ص )22.
ومنهم من يقول أن وجود كل شيء عين ماهيته، كوجود الإنسان فهو نفس كونه حيوانا ناطقا أو جود السرير فهو نفس كونه تأليفا خاصا لغاية معينة وقد فطن ابن رشد لذلك فقال ” إن ابن سينا يرى أن الموجود والواحد يدلان من الشيء على معنى موجود بذاته بل بصفة زائدة عليه والواحد عنده والموجود يدلان على عرض في الشيء … وإنما غلط الرجل لأمران:
أحدهما أنه اعتقد أن الواحد الذي هو مبدأ الكمية هو الواحد المرادف لاسم الوجود الذي هو مبدأ الوجود. .. والثاني أنه التبس عليه اسم الموجود الذي يدل على الجنس والذي يدل على الصادق – هو الذي في الذهن على ما هو خارج الذهن – فإن الذي يدل على الصادق هو عرض والذي يدل على الجنس يدل على كل واحد من المقولات العشرة تفسير ما بعد الطبيعة ). ([11])
و في الفلسفة الإسلامية هناك ألفاظا أجريت بمعنى الوجود أو الموجود مع دلالتها على معنى آخر أو أكثر كلفظ الشيء (و يطلق على لفظ الموجود وقد يقال على كل معنى متصور في النفس، سواء كان خارج النفس أو لم يكن) وكلفظ الذات والأنية والهوية … الخ.
و عند الفلاسفة الماديين يطلق الوجود على العالم الموضوعي أي المادة التي توجد مستقلة عن الوعي وهو مفهوم يضاد مفهوم الفلسفة المادية للوجود على أنه شيء يوجد قبل المادة مستقلا عنها ([12])

ج. الوجود المجرد 

المقولة الرئيسية للوجودية أدخلها إلى الفلسفة أبو الوجودية كيركيجارد (1813- 1855م) ويفهم الوجود هنا على أنه- كينونة – الإنسان الداخلية التي لم تتحقق تميزا له عن وجوده التجريبي وهو ليس وجوده الحقيقي، يقول هيدجر( بالرغم أن وجودي ملكي منذ مولدي إلى يوم وفاتي فلا شيء في مجراه الرتيب ملكي حقا بشكل حقيقي ومناسب وأصيل وقاصر علي، إن وجودي ملككم وملكهم وملك أي شخص آخر- غيري ..) ([14])
و الوجود باعتباره كينونة – قوة كينونة – يحدده الإنسان بنفسه بإرادته، إن الإنسان عند هيدجر وسارتر هو مجرد مشروع لم يستكمل بعد وإنما هو الذي يحدد ماهيته فالوجود سابق على الماهية و اعتبرت الوجودية ” الواقع ” أنه ” ما هو” أما الوجود فهو ما لم يكن أبدا ما هو … ([15])
و لكن له جذوره مثلا عند ياسبرز في ” تعال ” غامض أي في الله، والوجود لا يمكن إدراكه وإنما يمكن فقط “إضاءته” في لحظات حرجة مثل السكينة والفعل البطولي والموت …الخ ويستخدم الوجوديون هذه المقولة لتبرير النزعة اللاعقلانية ونزعة النسبية الأخلاقية …41)
المبحث الثالث:

ما هي الوجودية ؟

” نظرة عامة”

مذهب ظهر للوجود كرد فعل عن الفلسفة الهيجلية أول من قادها القسيس الدنماركي كير كيجرد، وبعد أن اصطلى العالم بنيران جريي كونيتين مدمرتين أدت إلى مقتل أكثر من 50 مليون إنسان مما أدى بجدية للتفكير في مصير الوجود الإنساني الذي يتهدد وجوده أسلحة مدمرة يمكن أن تقضي على الحياة في ثواني …!
( الوجودية : اتجاهات فلسفية متعددة تجمع على أن الإنسان هو الكائن الذي يسبق وجوده ماهيته، وعلى أن هذا الوجود هو الواقع اليقيني الأول للفلسفة الذي تنطلق منه معرضة عن الطبيعة ثنائية الذات والموضوع وعن مبدأ أو فكرة أو تخيل للبدء بفهم وتفسير الوجود والواقع واعتبرت الوجودية الواقع أنه هو ما هو أما الوجود فهو ما لن يكون أبدا ما هو … ([16])
إذا هو مذهب يقوم على إبراز ( الوجود) وخصائصه وجعله سابقا على  الماهية على أنه (وجود الماهية ) ([17]) . ويؤمن بالحرية التي تمكن الفرد من تحقيق ذاته وأن يمتع نفسه بنفسه ويملأ وجوده على النحو الذي يلائمه، ولذا فقد صرفت الوجودية النظر عن البحث في الوجود (الميتافيزيقي ) بشكل عام الذي قال به أرسطو قديما وركزت بحثها على الإنسان ( الواقعي – المشخص) ف (الوجود سابق على الماهية )([18]).
 تعني أن الإنسان يوجد أولا ويعرف فيما بعد أنه لا يوجد الله يتصور الماهية الإنسانية ثم يحققها كما يتصور الصانع ماهية الآلة ثم يصنعها أو كما يتصور كانط ( الماهية ) ( الإنسانية ) سابقة على وجوده لم يبقى للإنسان شيء يعيق سلوكه ويحد من حريته بل كان حرا كل الحرية يعمل ما يشاء ولا يتقيد بأي شيء، إذ أن الوجودية لا ترى بوسع الإنسان أن يجد معونة في علامة على الأرض تهدية سواء السبيل لأنها ترى الإنسان يفسر الأشياء بنفسه كما يشاء وأنه محكوم عليه في كل لحظة أن يخترع أي أن الإنسان في نظر الوجوديين وخاصة ( عند سارتر).هو ما يصنع وما يريد وما يتصور نفسه، وبهذا يعتقد الوجوديون وخاصة سارتر أنه يحقق الغرض الذي يرمي إليه وهو إنقاذ ( الحرية ) من (الجبرية ) فيصف الوجودية بأنها مذهب (متفاءل) تضع مصير الإنسان بين يديه فتجعل الحياة الإنسانية ممكنة، ويقول جان بول سارتر: (ما معنى كون الوجود يسبق الجوهر أو الفكرة المجردة إن ذلك يعني أن الإنسان يوجد قبل كل شيء يصادف ويظهر في الطبيعة والكون ومن ثم يحدد ويعرف والإنسان كما تتصوره الوجودية ليس له في البدء أي وجود، حتى يمكن تعريفه وتحديده، وأن هذا التعريف والتحديد لا يصح وجودهما إلا بعد أن يكون الإنسان قد وجد وعلى الشكل الذي نفسه عليه، والإنسان ليس فقط موجودا كما يتصور وجود (نفسه ) بل كما يريد وجود نفسه بعد أن تكون هذه النفس قد وجدت، ذلك هو المبدأ الأساسي للوجود وهذا ما نسميه أيضا ( الذاتية ) وأن ما نريد أن نقوله من وراء هذا الاعتقاد أن الإنسان يوجد قبل كل شيء ([19])
إذا ليس مهما أصل الوجود الذي أتعب الفلاسفة كثيرا دون جدوى بل المهم هو الوجود نفسه كمعطي أولي وما يترتب على هذا الوجود، ( الوجود ليس مادة وليس روحا) إنه : (وجود في العالم كما يذهب إليه هيدجر أو الوجود البشري الذي هو في حالة صيرورة مستمرة كما يرى كيركجارد وياسبرز أو أننا أحرارا كما يذهب سارتر، لكنه وجود ناقص لا ماهية له أي أنه ليس معطي مرة واحدة بل هو مشروع يتكامل باستمرار ([20])

مارتن هيدجر

Martin Heidegger (1976-1889)
أحد مؤسسي الوجودية والداعية الأساسي لها ([21])، كتب رسالته في الدكتوراه تحت إشراف (ريكورت) وكان مساعدا لهورسل ودرس في ماربورج – وفرايبورج . أعماله الرئيسية ( الوجود والزمان1927م- كانط ومشكلة الميتافيزيقا- 1929 م، مدخل إلى الميتافيزيقا 1953 م).
استحسن الأيديولوجية الاشتراكية الوطنية في خطابه الذي ألقاه عندما أصبح مديرا للجامعة في فرايبورج عام 1933 م ([22]) (إن المحتوى الموضوعي لفلسفتهما ” هيدجر وياسبرز” يجعل أنهما مهدا السبل للاعقلانية الفاشية .” ([23]) والمقولة الرئيسية في فلسفة هيدجر هي ” الزمانية” على أنها الانفعالات الداخلية للإنسان والأولى في نظره هي المزاج، أي شكل الوعي التلقائي الغير منظور والهم والقلق .. الخ أشكالا قبلية للشخصية الإنسانية وتكون هذه الأشكال الوجود الذاتي للإنسان الذي يسميه هيدجر (الوجود في العالم) ([24])، وحتى يستطيع الإنسان أن يضفي طابعا إلهيا عن ” معنى الوجود” عليه أن يتخلص من جميع الأغراض العملية وأن يصبح واعيا بفنائه وضعفه والإنسان في نظر هيدجر لا يستطيع أن يدرك أهمية واكتمال كل لحظة في الحياة والتخلص من أوثان الوجود الاجتماعي والأهداف والمثل والتجريدات العملية إلا بالشعور بأنه يقف دوما أمام الموت وجها لوجه و(فلسفة هيدجر تربط النزاعات اللاعقلية عند كيركجارد بفلسفة الحياة وفلسفة الظواهر لهورسل، إن التشاؤم العميق والعداء الشديد للعلم كامنان في وجودية هيدجر؟ ([25])
و لكن هناك من يرد على هذا الزعم الذي يقول إن هيدجر نبي العاطفة وعدو المنطق والعلم وداعية العدمية .. الخ.
(و ربما كان في استطاعتنا أن نقول إن مارتن هيدجر- من بين جميع الفلاسفة المعاصرين – وأكثرهم عمقا وأشدهم أصالة ومع ذلك فقد تعرضت فلسفته لهجمات شديدة كما استهدفت الكثير من التحريف والتشويه وسوء الفهم . وهكذا اتهم هيدجر بأنه نبي العاطفة وداعية ” النزعة العدمية ” وعدو المنطق والعلم في حين أن الشغل الشاغل لتفكير هيدجر قد بقي دائما هو ” مشكلة الحقيقة ” وعلى حين أن معظم مؤلفات هيدجر قد اتسمت بصرامة التفكير ودقة التعبير والإقتصاد في القول “([26])
المبحث الثاني

مشكلة الوجود ورؤية هيدجر لها

هدف مارتن هيدجر في مؤلفه ” الوجود والزمان ” الذي نشره سنة 1927 م ([27]) إلى دراسة “معنى الوجود” وقد ظلت مهملة منذ سقراط، لذلك اهتم هيدجر بدراسة الفكر الفلسفي قبل سقراط ([28]) علي اعتبار أنها اهتمت بالوجود المجرد السابق على أي ماهية ويزعم هيدجر أنه بمجيء سقراط تحول الاهتمام من هذا الوجود المجرد إلى الاهتمام بالماهية الإنسانية ولم تعرض ماهية الوجود المجرد على بساط البحث بشكل جدي، فإن مفهوم الوجود يعتبر من أشد المفهومات غموضا واستغلاقا بالرغم من اشتراكنا جميعا في الإحساس به في أنفسنا وإدراكنا له إدراكا عابرا، فالوجود في معناه لا يرادف الكائن الكوني المشخص … بل إنه هو الطبيعة التي يعيش بها الكائن من حيث هو كائن … ([29])
لقد صرح هيدجر في بداية كتابه (الوجود والزمان ) بتناسي مسألة الوجود الخالص (إن مسألة الوجود لأصبحت اليوم في طي النسيان ([30])، ويجمع النقاد على أن هذه العبارة تتضمن الأطروحة المركزية لفلسفته لفلسفته وأنها بمثابة الإعلان عن لحظة ميلاد فلسفة جديدة تسعى إلى نقل مركز الاهتمام الفلسفي من الإنسان والذات، عقلا أو وعيا إلى الوجود الذي أصبح في نظرها نسيا منسيا وإلى إحياء التساؤل الأساسي وما هو ذلك التساؤل ؟! إنه ذلك الذي يحدد طرح السؤال عن معنى الوجود وينفض عنه غبار النسيان ” ([31]) النسيان ([32])
و من هنا انطلق هيدجر من الوجود الإنساني المشخص لفهم الوجود المجرد بشكل عام لأنه في متناول أيدينا ويطلق هيدجر على هذا الكائن – بالمتواجد ([33]) Dasein – للدلالة على الوجود الإنساني ويفسرها بقوله بقوله أنه الوجود الذي أكونه أنا أي حالة الإنسان الذي دائما أن يرجع إلى نفسه بأن يسأل عن معنى الوجود أي أنه وجود الإنسان القادر على التساؤل عن وجوده وهو ليس شيئا مقابلا للعالم بل هو ممتزج في العالم موجود فيه، وهو نفس المعنى الذي يشير إليه سارتر بقوله الوجود لذاته le pour soi لأنه الوعي الذي يلقي الضوء على الأشياء ليهبها المعنى كما أنه القادر على التمييز والنفي إنه الوجود الذي يدخل العدم إلى الأشياء القادر على إحداث الصدع في داخل الأشياء الصماء ” الوجود ذاته ” ([34]) وبهذا المعنى يمكن القول بأن الأنطلوجيا هي وجودنا نفسه بوصفه كينونة على الوجود ([35]).
الفصل الثالث
المبحث الأول

هيدجر والوجود في العالم

أشرنا في الفصول السابقة إلى أن هيدجر يدرس الوجود العام المجرد من كل الخصائص والتعيينات وبذلك يصف هيدجر الإنسان (الملقى به في العالم ) ب Dasein والتي يترجمها عبد الغفار مكاوي بالأنية، و لو تحرينا الدقة لترجمناها بالوجود هناك، أي الكائن الملقى به في العالم الموجود فيه دائما بالقرب من الأشياء ومع غيره من الناس المتميز عن سائر الكائنات بعلاقته بالوجود واهتمامه بالسؤال عنه وحمله المسئولة على كتفيه ).([36])
إذا لم يعد الوجود موضوع يتأمله الإنسان بل هو ملتحم به ممتزج به امتزاج الذات بالموضوع في صورة توتر يثير فيه الهم والقلق وهو منخرط فيه في عالم يمثل ( مجال – مكان )([37]) اهتمامه، فالعالم مكان وجودي للمتواجد في وسط أو مجال (فالعلاقة بين الإنسان والعالم ليست مجرد علاقة بين موجودين في المكان كالكراسي في الغرفة أعواد الثقاب في العلبة أو مجرد صلة بين الذات والموضوع وإنما هي علاقة وجودية قوامها الشعور بالاهتمام ” ([38]) والبيئة التي نحيا فيها تمثل عالمنا الخاص المكون من أشياء وأدوات تحت الطلب – جعلت لأجل، وكل أداة تحيلنا إلى الوجود الذي يستخدمها فالمطرقة لا تفترض السندان بل تفترض الحداد أيضا، وعلاقة الإنسان بهذه الأدوات علاقة إهتمام علاقة حية ديناميكية وليست أدوات صامتة لا حياة فيها وإذا كان ليبنتز يجعل من المنادات جواهر مغلقة على ذاتها وليس لها نوافذ على العالم الخارجي وفي علاقة مباشرة معه والكائن البشري كائن متحرك ديناميكي دائب النشاط( في استخدام أدواته بمهارة ) لتحقيق إمكانياته أي وجوده والعلاقة التي بينه وبين أدواته هي علاقة اهتمام واكتراث ([39]) اكتراث ([40]) فهو مندمج في صميم مشروعاته متجها نحو تحقيق وجوده فالوجود الإنساني عند هيدجر هو نجاح الإنسان أو فشله في تحقيق إمكانياته، (فالإنسان لا يملك الإمكانيات بل هو ” عين الإمكانيات “” ([41]) وهو على مسافة دائما من ذاته ذلك لأنه وجود الإمكانيات التي تعلو دائما على ذاته (و وجود الإنسان في العالم هو علاقة انطلوجية تربطه بإمكانياته فالإمكان أعلى الواقعية) ([42]).
و بذلك أصبح وجود الإنسان بالنسبة لهيدجر مشروع لتحقيق إمكانيات قد ينجح المتواجد ومن ثم يعلو على
ذاته ويتسامى على الأشياء ذاتها وبذلك يحيا وجوده الأصيل في مواجهة الموت، وقد يفشل وبالتالي يقع في خطر السقوط في الأشياء “التشئ” ويفقد وجوده الأصيل فالإنسان ليس ما هو كائن وما كان فحسب بل هو ما سيكونه أيضا، ويأخذ سارتر هذه الفكرة من هيدجر ويصور الإنسان في كل كتاباته على أنه مجرد مشروع فهناك هوة دائما بينه وبين ذاته لا يبلغها أبدا يسميها سارتر بالعدم ؟” ([43]) ويقول هيدجر في كتابه (الوجود والزمان ): و لما كان الوجود الإنساني في كل حالة هو من الناحية الجوهرية إمكانياته فإنه يستطيع بوجوده عينه أن يختار نفسه ويكسب نفسه ([44])، إذا يرى هيدجر أن الإنسان وجد نفسه (في الواقع ) ملقا في العالم وليس لديه أي علامة على الأرض تهديه “وحيدا إلا نفسه ” يسعى لتحقيق أنيته متعاليا على الأشياء يقذف بنفسه دائما نحو المستقبل والعمل والموت ! والوجود أدوات تحت الطلب والإنسان اتجاهه مهتم ومكترث .
المبحث الثاني

سارتر والوجود في العالم

يتفق سارتر مع هيدجر في كون الإنسان مجرد مشروع يسعى دائما لتحقيق ذاته (ماهيته) التي لن تتحقق أبدا فهناك دائما هوة تفصل الإنسان عن ذاته يسميها سارتر العدم ومن هنا كان الوجود لذاته (الإنسان ) عبث وقلق وغثيان، ولكن تصور سارتر (للوجود) يختلف عن هيدجر! فالمسألة التي تشغل هيدجر هي الوجود العام وليس الوجود الإنساني وقد رأينا أن ذلك الوجود ليس وجودا صامتا بل هو وجود تحت الطلب وعلاقته بالإنسان علاقة اهتمام إن جيشان هذا التحرك الجديد يعبر إذا عن الرغبة في انقاد الوجود الخالص والبسيط من ذوبان العالم، من هنا قرابة الجو مع كير كجارد ([45]).
ليست المسألة التي تشغلني هي وجود الإنسان، بل هي بالأحرى مسالة الوجود ذاته وهي وحدها المعروضة في الوجود والزمان “(46).
أما الوجود السارتري فهو وجود صامت مكتفي بذاته “أصم” “ساكن” تحكمه علل الصرامة، فالوجود موجود أو لا يحتوي على الوجود ولم يحتوي عليه من قبل ذلك” ([46])، والوجود يسبق الماهية فبذرة القمح لا تنمو استجابة لفكرة الماهية الموجودة لدى الإله بل هي توجد أولا.
المبحث الثالث

هيدجر والوجود مع الآخرين

الإنسان كائن اجتماعي فهو لا يحيا لوحده بل يوجد ويعيش مع آخرين وهؤلاء هم أولئك الذين أوجد معهم ويوجدون معه سواء بسواء، وكما أن ” الوجود في العالم ” من مقومات الوجود الإنساني، فكذلك ” الوجود مع الآخرين ” هو من مقومات هذا الوجود، لهذا فإن الذات البشرية لا تعيش في عزلة أو عالم خاص بها عن باقي الموجودات ” الذوات” بل لابد لها أن تعيش وتنخرط مع آخرين لهذا فإن فلسفة هيدجر بعيدة عن النزعة الفردية المتطرفة التي اتهم بها ([47]) فالذات البشرية غير منطوية على نفسها بل هي موجودة مع آخرين، لكن الإنسان في هذا العصر قد أصبح في حالة اجتماعية زائفة، فمن خلال وجوده مع الحشد المجموع – الآخرين – تنازل عن وجوده الحقيقي وخضع لحكم وذوق المجموع ([48])، ويقول هيدجر هيدجر ( الوجود الإنساني باعتباره وجودا مع الآخرين من طبيعته أن يفهم أنه يستطيع (أن ينصت ) للآخرين، إن الوجود الإنساني يفقد نفسه في الحشد وفي الحديث الكسول (للحشد) يفشل الإنسان في الإنصات لنفسه وإذا أراد أن يتم ذلك من خلال ذاته عليه إذا أولا أن يتمكن من أن يجد نفسه كشيء قد فشل في الإنصات إلى ذاته والذي يفشل في الإنصات في أنه في هذا إنما ينصت للحشد وهو يتباعد، وهذا الإنصات المتباعد يجب تقويضه بقول آخر إن إمكانية نوع آخر من الإنصات الذي يوقفه يجب أن يعطيه الوجود الإنساني من نفسه ([49]) .
و من هنا يفرق هيدجر بين وجودين:
أ. وجود حقيقي أصيل ([50]) ([51])
ب . وجود زائف.
على أساس التمييز بين ذات حرة تأخذ على عاتقها مسئولية وجودها وذات غريبة على ذاتها قد فقدت حريتها واستقلالها فأصبحت تحيا على حساب الآخرين ” والوجود الأصيل الحقيقي ” هو ذلك الوجود الحقيقي الذي تشعر معه الذات بأنها قائمة بنفسها مسئولة عن ذاتها وأنه قد خلي بينها وبين حريتها وأما ” الوجود الزائف ” فهو ذلك الوجود العيني الذي تهبط فيه الذات بنفسها إلى مستوى الأشياء- الموضوع – وهو ما سماه بعض الفلاسفة بالتشئ فتميل النفس إلى انغماس في الجموع هاربة من حريتها متنصلة من مسؤليتها والتخلص من شعورها بالقلق، وهذا السقوط والإبتذال في الجموع – الحشد- كما يصفه هيدجر يصرف الإنسان نهائيا عن التفكير في مصيره الحقيقي وصف -هيدجر لغة هذا الإنسان المغترب عن ذاته (بالثرثرة واللغو) وهو يحيا حياة فضولي ؟! حياة مبتذلة رخيصة – مشتت الذهن – غامض الفكر متلبس وينتقل من مكان إلى مكان دون التواجد في مكان ! وإذا أراد الإنسان المغترب عن ذاته أن يصل إلى مرتبة ” الوجود الأصيل ” فلابد أن نرتد إلى ذواتنا ونسبر أغوارها البعيدة ونتحمل مسؤولية وجودنا ولابد أن يواجه الإنسان هذا الاختيار إما اغتراب عن الذات وانحدار إلى الشيئية وإما التمسك بالذات الأصيلة الحقيقية والتزام الحرية والمسؤولية وتسلم إلى مستوى الوجود الحقيقي وإذا كان الموجود البشري موجودا عمليا- واقعيا- عرضيا فإنه معرض في أي لحظة لخطر السقوط في التشيؤ ويصبح الإنسان بالتالي شيء كهذه الأشياء ويغترب عن ذاته ويسقط في عالم الموضوعات – الأشياء- وعن طريق الحرية يسترد المغترب ذاته ويعمل على تحقيق وجوده الأصيل، وإذا كان الإنسان مخلوق زماني يحيا للموت أو ليموت ربما أن وجوده في العالم- سقوطه في العالم – يجعل منه كائنا مهموما قلقا فما علاقة تجربة القلق الوجودية عند هيدجر بالحرية وبنظرته للإنسان بصفة عامة؟
المبحث الرابع

القلق والحرية ونظرة هيدجر للإنسان المشروع

يعتقد هيدجر بأن الإنسان – الإمكانيات – قد قذف به في العالم ويسميها لحظة السقوط في العالم وتحوله من الإمكان (امكان أن يوجد) إلى الواقع ليعلو دائما على ذاته متجها نحو العمل “و تحقيق الإمكانيات ” والمستقبل – المشروع – فالإنسان ليس ما كان وما يكون فحسب بل ما سيكون أيضا ويأتي الموت ليضع حدا لإمكانية الإنسان إنه الإمكانية الأخيرة لتضع حدا لسقوط الإنسان في العالم، ويسمي سارتر لحظة السقوط الهيدجرية بالإمكان (فالموجود لذاته ) ممكن الوجود فحسب – يمكن أن يوجد أو لا يوجد- ويتفق هيدجر مع سارتر أن العدم يتخلل الوجود بل هو نسيج الوجود والعدم أو الموت أو الفناء يتهدد الإنسان في أي لحظة فهو مخلوق “كائن” وجد لكي يموت وموت الإنسان الفرد فحسب Zeinzumtodeمن هنا كان قلق الإنسان – وعبثيته عند سارتر- وعبثية الموضوعات العالمية وتفاهة شتى الأشياء الكائنة عند هيدجر- القلق عند هيدجر يفصلنا عن عالم الأشياء والأدوات ويردنا إلى عالم الوعي والذات ([52]). فالقلق تجربة وجودية تكشف للذات الإنسانية عن حقيقة وجودها في العالم (باعتبارها ذاتا فردية لابد لها أن تفصل في وجودها بمحض حريتها ولابد لها أن تحقق إمكانياتها الخاصة دون الاعتماد على أي مخلوق آخر” ([53]). إذا يجعل هيدجر من القلق ركيزة للموجود الإنساني الأصيل ويقيم الحرية والمسئولية على إدراك الذات لوجودها من خلال تجربة القلق الوجودية لدى الكائن الذي يحمل دائما عبء وهم وجوده، إنه المتسائل دائما عن معنى وجوده ويقلق ويترقب لنهايته المأساوية، فيجب أن ينصت ويصغي ويلبي الإنسان “لنداء الوجود الخالد” وإن سبب له هذا القلق الهم ليحيا وجوده الحقيقي الأصيل، (الوجود هنا هو وجود على هيئة إمكانية، وهذا يعني حرية الاختيار غير أن هذه الحرية عند- هيدقر- ليست مطلقة – كما هو الحال عند ساتر- ذلك لأننا جئنا إلى العالم، قذف بنا بدون إرادتنا، ولأن الإمكانيات أمامنا محدودة ” ([54]).
المبحث الخامس

الموجود القلق التعس 

وجود من أجل الموت

القلق هو التجربة الوجودية التي تجعلنا وجها لوجه أمام العدم ويكشف لنا عن طابع وجودنا باعتبارنا موجودات متناهية قد جعلت من أجل الموت، والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعني أنه مخلوق فان (لا خلود لمخلوق ” ([56]) بل إن الموت يدخل في صميم وجوده – باعتبار أعلى ما لديه من إمكانيات – فهذا فهذا الحد الأليم هو الذي يحدد وجود الإنسان ويميزه فهو “وجود نحو الموت ” “وجود من أجل الموت ” “وجود للموت ” وتفكير الذات في الموت إمكانية فردية تجعل من المستحيل تحقيق أي إمكانية أخرى ” ([57])، هو الذي يجعلها تحيا وجودها الحقيقي الأصيل وذلك بعزلها عن الحشد- الجموع – وردها إلى باطن ذاتها ووجودها وهي تدرك وتشعر بتفاهة الاستمساك بأهداب الحياة والتعلق بالذات ووجودها الممكن العرضي المتناهي المحدود ويجعل الذات تشعر أيضا بأنيتها وفرديتها ووحدانيتها وتناهيها في عالم الوجود العام، فهو مخلوق زماني الوجود هنا على هيئة إمكان وحرية الاختيار الذي يحياها يعبران عن نفسيهما في القلق، وليس فقط لأن حرية الاختيار ترتب القلق بل أيضا لأن الوجود هنا وجود قلق، قلق من لا شيء معين بل القلق من لا شيء هذا القلق إذا يكشف عن العدم، وهذا العدم ليس خارجا عن الوجود مضافا إليه أو نهايته، بل هو في صميم الوجود : إذ الوجود- للموت – الإنسان الذي يحمل موته منذ وجوده، لكن الإنسان يهرب من القلق هذا بالسقوط بين الناس، فيتحدث عن الموت مثلا بصفة عامة وليس موته هو” ([58])
المبحث السادس

الإنسان كائن زماني ومتعالي عند هيدجر

الوجود هو الشيء الوحيد الذي يملكه الإنسان وهو الشيء الوحيد المعرض لفقده في كل لحظة ومن العبث إلا ينتبه الإنسان لهذه الحقيقة ويعرض عنها فقد قدر على الإنسان أن يحمل عبء وجوده ماضيا حتى النهاية في التعرف على إمكانياته سابرا أغوار ذاته متجها نحو ” المستقبل ” لأن وجودنا في الأصل شوق ونزوع ومشروع أو هو في صميمه مشروع ” (فالموجود البشري هو دائما فيما وراء ذاته : لأنه موجود زماني يقذف بنفسه نحو إمكانياته ويعدو خلف ذاته … وحينما يقول هيدجر إن وجودنا ” مشروع وجود” فهو يعني بذلك أننا نعمل دائما على تحقيق إمكانياتنا، فنحن في توتر مستمر نحو المستقبل، إن لم نقل أن “زماننا” نفسه إنما يبدأ بالمستقبل)([59]).
و الموجودات البشرية في رأيه ليست كائنات مغلقة على ذاتها بل هي كائنات زمانية تحقق حركة مستمرة أو موجودات – زئقبية على حد تعبير هيدجر- تعلو دائما على ذواتها في اتجاه مستمر نحو العالم والمستقبل والعدم، وليس للموجود من ماهية، بل إن وجوده هو عين ماهية وبهذا المعنى يكون الوجود مرادفا للتعالي والمفارقة طالما الوجود خروجا عن الذات واتجاها نحو المستقبل والموت . إذا لابد لنا أن نعلو على ذواتنا متجهين نحو العدم، الذي هو من نسيج الوجود العام ومن هذا كان وجود الإنسان عند هيدجر زمانيا و( الحرية عنده الأساس لوجوده الأصيل ) ([60])
الفصل الرابع
المبحث الأول

جان بول سارتر الأكثر ضجيجا  في القرن 20

ولد الفيلسوف الفرنسي سنة 1952 م، و قد ظل هذا الفيلسوف في السنوات الأولى التي تلي الحرب العالمية الثانية مباشرة، أكثر فلاسفة أوروبا مثارا للجدل والنقاش ([62])، وتعود شهرته في الأوساط الغير فلسفية إلى قصصه ورواياته مثل الغثيان، الذباب، الجدار، جلسة سرية … الخ ([63])،أهم مؤلفاته الفلسفية” الفلسفية ” الوجود والعدم – بحث في الأنطلوجية الفينومينولوجية 1943 م” – ” الوجودية نزعة إنسانية 1947 م”-” نقد العقل الجدلي 1960 “([64]) دعي صراحة إلى فلسفة وجودية في كتابات خلت من الأساليب الشعرية الرومنطيقية التي غالبا ما اصطبغت بها كتابات غيره الوجودية، صاغ أسلوبه صياغة عقلية صرفة وأحاطه بمنطق صارم ([65])، كتاباته تقع في معظمها في دائرة الأنثروبولوجيا القائمة على الانطولوجيا وتنحصر كلها في عملية تطبيق منطقي للأسس الوجودية على الإنسان ومشكلاته ([66])، فلسفته تعد تعبيرا عن يأس الإنسان الفرنسي بعد الحرب الذي هزمته النازية الألمانية شر هزيمة وهي إيديلوجية لإنسان يفتقر إلى المعتقد والأسرة الهدف في الحياة . تأثر سارتر بالفيلسوف الألماني هيجل ومن بعده هيدجر بشكل واضح وإن- لم يتبعه تبعية عمياء- ([67])، ويعتبر أحد أتباع كيركجرد الدنماركي وتأثر بنيتشة، وصاغ الخطوط العريضة لمذهبه الوجودي على أساس المنهج الظاهري لهوسرل كما تأثر في العديد من مباحثه عن الحرية وخاصة – في الإمكان العرضي – بتوما الإكويني (تتميز فلسفته بالذاتية فهو يتصور الإنسان على أنه كائن لذاته منه تشتق أشكال الوجود مثل الوجود في ذاته أي العالم الموضوعي والمكان والزمان والكم والكيف – ولما كان العالم الموضوعي لا يعتقد لا عقلانيا ولا محددا فهو عكس النشاط الإنساني الذي هو حر ولا يعتمد على القوانين الموضوعية، ومثل هذا المفهوم للحرية، وجوهره قائم على المبدأ- الإنسان هو ما يصنعه بنفسه – يشتمل على فلسفة الأخلاق السارترية ([68])
المبحث الثاني

الإنسان في نظر سارتر ليس حرا فقط بل هو الحرية نفسها

فلسفة سارتر تنبع من مقولة الحرية وتقود اليها * فالإنسان هو ما يتصور وما يريد نفسه ووجوده عين ماهيته لذا هو الحرية ذاتها وليس شيء آخر غير الحرية.
الوجود – في ذاته ” العالم ” والوجود لذاته ” الإنسان ” ([69]) يميز سارتر بين الوجود في ذاته الوجود لذاته ([70]) فالوجود في ذاته : هو وجود الأشياء وجود العالم ككتلة ككتلة صماء جامدة، بينما الوجود لذاته وعي أو هو ثقب- شرخ في قلب الوجود ويتابع سارتر هيدجر في أن الوجود سابق على الماهية إنه ما به يظهر الوجود، لكن هذا الظهور هو أيضا غياب لذلك فإن الوجود لذاته هو بزوغ العدم ” الآتي عن طريق الإنسان ” في قلب الوجود.
الوجودية والماهية:
” هل إذا قلنا بأن الوجود سابق للجوهر أو للفكرة المجردة . بمعنى : أن الإنسان يوجد قبل كل شيء فيظهر في الطبيعة بفعل من أفعال المصادفة ثم يحدد ويعرف، هل في هذا القول ما يدعو إلى اليأس والكسل والخمول “
هذا المبدأ – الوجود السابق على الماهية – يعني أن الوجود لذاته ” الإنسان ” – كما سبق القول – هو الواعي الحقيقي الوحيد الغير محدد من قبل وليس له ماهية مسبقة أنه مجرد يطلب التحديد- عن طريق تحقيق إمكانيات الإنسان – وطلب التحديد هذا يصنع الماهية، والماهية هنا ليس إلا ما يصنعه الإنسان بنفسه، إنه إمكانية مفتوحة على المستقبل.

(ج) عمل الإنسان بحرية يصنع وجوده :

الوجود لذاته إمكانية مفتوحة تطلب التحديد ([71]) مما يقتضي العمل فإذا كان هناك إلزام فهو إلزام بالفعل وهذا الفعل ليس له أي هدف غير الفعل وبذا تتساوى كل الأفعال من حيث قيمتها فالفعل هنا مفهوم وجودي وليس أخلاقي أو اجتماعي، إن تحول الوجود لذاته إلى وجود في ذاته هو فشل مستمر لأنه كلما أنجزنا عملا سقط من حسابنا فنحاول من جديد وهكذا بحيث يكون العمل أقرب إلى لعبة ” نعمل من أجل العمل “.

(د) الاختيار:

إذا قلنا بأن وجود الإنسان لا يكون في حدود ما يتصوره بل في حدود ما يريده وأنه هو خالق نفسه لأنه هو متصور لها أنه له كرامة ليست للحجر والمنضدة وأشياء الوجود المادية وأنه قوة تتطلع إلى المستقبل، وتتدفع قدما إلى الأمام، لا تقبل بالاستقرار، بل تعمل على تحويل نفسها تحويلا تطوريا تقدميا دائما في اختيار حر واستقلال تام” ([72])

فالوجود لذاته يطلب التحديد، يطلب متهية، فهو إذا ملزم بالفعل أن يفعل أن يصنع ماهيته لكن الإنسان لا يستطيع فعل كل شيء ولا تحقيق كل الإمكانيات إن عليه دائما الاختيار اختيار ما يفعل اختيار ما              يصنعه ويحققه فيصبح الاختيار موضوع الفعل وفي نفس الوقت إدخال العدم في قلب الوجود الاختيار يضع الإنسان وجها لوجه مع حريته إنه حر الاختيار أو حتى اللا اختيار والذي هو اختيار فيكون القلق هو وعي بالحرية.

(هـ) الوجود لذاته مشروع :

إن الإنسان في واقعه ([73]) هو مشروع يعيش بذاته ولذاته . انه ما شرع في أن يكونه لا ما أراد أن يكونه . فقد يري الإنسان ولكنه لا يحقق ما يريد. فإذا حققه فقد شرع في خلق نفسه وتكوين ماهيته وجوهره . والإنسان بهذا المعنى مسئول لأنه يقابل حقيقة .
والاختيار المسئول هو الذي يجعل الإنسان فريسة لقلق شديد وكآبة عميقة لأنه يرى من خلاله اختياره ونتائجه البعيدة والقريبة ([74])
إن الإنسان وجود لذاته غير محدد بماهية مسبقة ([75])، وهو لذلك وجود حريص عن طريق العمل أن يصير وجودا في ذاته ولهذا فإنه دائما خارج نفسه فيما يفعله، وكلما حقق فعلا يخرج من حسابه لأنه لم يحقق له التحول إلى وجود في ذاته، العمل فقط يتحول إلى وجود في ذاته ليتم وضع أما الوجود لذاته فيظل دائما يحاول رغم أم محاولاته تنتهي بالفشل هكذا يبدو الماضي على مشكل حتمية … والمستقبل إمكانية مفتوحة والحاضر لحظة متملصة دائما يترجمها القلق . فالموجود لذاته عبارة عن مشروع دائما في طور التنفيذ لا يتكامل أبدا إلا بموت الإنسان، يصير حقا وجود في ذاته وبالتالي الفشل الأبدي .

(و) المسئولية:

الإنسان محكوم عليه بالحرية إنه حر حتى أنه يختار رفض الحرية ([76]) لكنه في كل الأحوال مسئول عن اختياره، مسئول ما يصنعه بنفسه البعض يتبنى هذه المسئولية والبعض يبحث عن الأعذار والمبررات ليتملص منها، فالإنسان بالنسبة لسارتر وحيد في العالم وجد بدون سبب، وجوده سابق لماهيته، ولهذا عليه الفعل والذي يقتضي الاختيار.

(ح) ساتر والوجود مع الآخر ([77])

الإنسان ليس فقط وجود لذاته إنه أيضا للغير وهذا يطرح معضلة: الوجود للغير هو وجودي أيضا، إنه الوجود لذاته كما يبدو للغير إنه وجودي في حوزة الغير يخصني ولا يخصني، يخصني لأنه وجودي كما يبدو للغير: ولا يخصني لأنه خارج عن سيطرتي لا أستطيع فيه شيئا، الغير يراني ليس بالضرورة كما أرى نفسي :- كريما، بخيلا، شجاعا، جبانا، شريفا، نذلا … وهكذا.
و لا يمكن أن أدرك ذاتي كما يراني ” الآخر ” الغير إني بوجودي للغير أقع تحت سيطرة الغير يفعلون بي ما يشاءون ” وهذا يسميه هيدجر الوجود المزيف وبالإنسان الفضولي الثرثار الذي لا اسم له ” ولا أستطيع أن أجعل الآخر يراني كما أحب، فنظرة الآخر تجمد وجودي لذاتي وتحليني إلى وجود في ذاته كتلة من دم ولحم وعظم وأنا بدوري أستطيع النظر إلى الآخر ولكن هذا الآخر يتملص من نظرتي، إن ما أريد امتلاكه من الغير هو وجوده لذاته (حريته) ولكي أصيب بالفشل والإحباط ([78]) إذ لا يمكني أن أفوز من الآخر إلا وجوده في ذاته تماما كما لا يفوز الآخر إلا بوجودي في ذاته عندما يريد هو الآخر امتلاك (حريتي) (وجودي لذاته ) وبالحب يحاول الإنسان تجاوز هذه الوضعية المحبطة وما يهدف إليه الحب ليس الامتلاك الجسدي بل امتلاك حرية الآخر وإغرائها بالانكشاف من خلال تقديم حريتي مما يؤدي إلى الفشل والإحباط وهذا الفشل يقود إلى الفاشية والمازوشية فالسادية وهي احلال القوة محل الإغراء والمازوشية أن يعذب ذاته فالجحيم هو الآخر كما يقول سارتر ([79])

خاتمة

( إن شعور عدم الارتياح الناتج عن العصر الحاضر الذي لا يزال معتدلا عند شيلر يتفجر في وضح النهار في فلسفة زميله الأفتى في المدرسة الفينومينولوجية :مارتن هيدجر “لوكاكش ص (77
إن قلق الإنسان في عصرنا القلق هدا قد بعت إلى الوجود الوجودية كمدرسة فلسفية هالها مصير الوجود الإنساني والوجود بشكل عام فهوس الإنسان المعاصر في اختراع أسلحة الدمار الشامل وما نتج عنها من حربين مدمرتين قضت علي أكثر من 50 مليون إنسان فما بالك اليوم وقد تطورت الأسلحة النووية إلى عشرة أضعاف قنبلتي هيروشيما ونجازاكي، يا الهي ما لدي يريده سوبرمان نتيشة بعد، هنا يقف الانا وحيدا فريسة القلق والهم حيث لم يعد هناك شيء صلب نقطه ثابتة في وسط هذه الصحراء- علي حد تعبير لوكاكش من هنا شغلت عقول الفلاسفة مصير الوجود ولبت الفلسفة ندائه علي اعتبار أن الإنسان راعي الوجود- هيدجر- فمن غير المعقول أن تقف الفلسفة مكتوفة اليد ويتهدد الوجود مصير ذلك مظلم هو دأب الفلسفة دائما في استتاره وعي الإنسان بإنسانيته إنها البومة التي تنعق في صحراء ليلنا الحالك.
من هنا كانت دعوة الفيلسوف الألماني -هيدجر- للإنسان أن ينصت ويلبي وينقذ الوجود من الذوبان والخراب وأن يحيا الإنسان وجوده الأصيل في مواجهة العدم الذي يتهدده كل ثانية . انه كائن متناهي خلق ليموت لذلك وجب عليه أن يتسامي علي الأشياء ويحيا الحياة التي تليق به بعيدا عن سفاسف الأمور! ومن قلق العصر ولا عقلانيته خرج الفيلسوف الفرنسي حاملا شعار ( الأنا ،فالأخر هو الجحيم)
و الإنسان حر ومحكوم عليه بالحرية حتى وان اختار عدم الحرية فهو في اختيار دائم وهو مسؤول عما يختار فليس هناك ماهية تسبق وجوده ولا علامة علي الأرض تهديه بل إن وجود الإنسان هو عين ماهيته الباحث عنها دوما ومن هنا كان قلقه وعبثية العالم والحياة من أنها الغثيان ؟! فالإنسان ما يتصور وما يريد نفسه (إنها الحرية المطلقة ) إنهما امتداد لابي الوجودية كيركجرد الذي عزف على معني الوجود الإنساني بشدة انه ذلك (المفرد) وما أشبه المفرد بمتوحد ابن باجه العربي الأندلسي ؟! ويمكن هنا أن نعقد مقارنة بين هيدجر وسارتر في مسألة الوجود، علي النحو التالي:
مارتن هيدجر جان بول سارتر
  • 1. درس الوجود العام الانطولوجي Being . – درس الوجود الإنساني
  • 2. انطلق من دراسة الوجود الإنساني لفهم – ليس للوجود العام معني غير المعنى الذي الوجود العام لأنه في متناول أيدينا يعطيه الوجود الإنساني لنفسه والعالم.
  • 3. حرية الإنسان محدودة لأنه اكره علي – حرية الإنسان مطلقة فهو ليس حر فقط السقوط في العالم بل هو الحرية نفسها ومحكوم عليه بالحرية
  • 4. الإنسان مشروع – الإنسان مشروع
  • 5. وجود الإنسان واقع بعد أن كان إمكان فالوجود العام أشرق من خلال ويمكن ألا يوجد الوجود الإنساني – وجود الإنسان امكان يمكن أن يوجد ويمكن ألا يوجد
  • 6. العدم من نسيج الوجود – ويأتي من الإنسان
  • 7. بالحرية والقلق الوجودي يحيا الإنسان وجوده الأصيل – العبث والقلق والغثيان ووجود الإنسان المتناهي اذ لا معني لحياته إلا بممارسة حريته في العمل
  • 8. الوجود الحقيقي هو أن يحيا الإنسان في مواجهة العدم – هناك هوة بين الإنسان وذاته يسميها سارتر بالعدم من هنا كان قلقه
  • 9. بالرغم من اهتمامه بالوجود العام إلا أنه نتيجة القلق الوجودي يحيا الإنسان وجوده الحقيقي منعزلا عن الحشد غير خاضع لذوقه وحكمه – يبدأ من الأنية الفردية وينتهي إليها فالآخر هو الجحيم
  • 10. الوجود يسبق الماهية فهو ينكر وجود – ماهية عليا ومفارقة أوجدته ورعته وتهديه سواء السبيل، ويعلو الإنسان ذاته متجها نحو العمل والمستقبل والموت صريح في إلحاده فالوجود سابق الماهية (وليس المشكلة وجود الله أو عدمه و على إنما المشكلة هي وجود الإنسان )
هذه محاولة لفهم مسألة الوجود لدى هذين الفيلسوفين وهي مجازفة نقتحم بها فرعين كبيرين من مدرسة الوجودية، والوجودية في النهاية تجربة شخصية نحياها من الميلاد حتى الموت وإذا كان من قراء الوجودية والدارسين لها والمحللين فكرها من نظر لها من زاوية التشاؤم المفرط فربما رأيت فيها الجانب المضئ منها أيضا، فالوجودية تحشد الإرادة وتدفع الإنسان لرفض مالا يقبله وضع العالم الذي يريد وأن يسعى لتحقيق أهداف عليا وأن يحيا الحياة التي تليق به كإنسان “وجوده الحقيقي الأصيل ” بل تحفزه للعمل والخلق والإبداع، إن الوجودية شخصت أمراض الإنسان ومعاناته في الحياة ولكنها في نفس الوقت لم تقدم حلولا كافية وشفاء مناسبا لأمراضه غير المعاناة والقلق والتقئ والتقزز والغثيان وهشاشة الوجود الإنساني …….. الخ وهذا حكم عام!
إذ أن من فلاسفة الوجودية من رأى فيها ” الإيمان والسرور” ” لحظة سرور” ومنهم من رأى فيها ” لحظة إبداع وخلق” وهكذا، وإذا كان كبار الكتاب من أخطأ في فهم الوجودية فإننا لا نزعم قط بأننا قد أصبنا كبد الحقيقية في فهمنا للوجودية وإنما هي مجرد محاولة نبغي من وراءها غض الطرف عن بعض الأخطاء التي يحتويها هذا البحث ،،،
و الله من وراء القصد

أهم المصادر والمراجع

أ ) المصادر :

1- مارتن هيدجر (نداء الحقيقة ) ترجمة وتقديم ودراسة د. عبد الغفار مكاوي – دار الطباعة والنشر القاهرة .ط .أولى – 1977م

ب) المراجع:

1- د. إمام عبد الفتاح إمام ( مدخل إلى علم الفلسفة ) دار المعارف – مصر- القاهرة – “بدون تاريخ “

2- د. إمام عبد الفتاح إمام (كيركيجور رائد الوجودية ) دار الثقافة للنشر والتوزيع – القاهرة – ط1 – 1986م

3- د. أميرة حلمي مطر (فلسفة الجمال) دار الثقافة للنشر والتوزيع القاهرة – ط1 – 1986 م

4- الشيخ الرئيس (ابن سيناء) (النجاة ) تحقيق ماجد فخري . منشورات دار الأفاق الجديدة – بيروت – ط 1985 م.

5- بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ترجمة محمد عبد الكريم الوافي – منشورات جامعة بنغازي – ليبيا ط 2 بدون تاريخ.

6- د. يحي هويدي (نحو الواقع . مقالات فلسفية ) دار الثقافة – القاهرة – ط1. 1986 م.

يوسف كرم (تاريخ الفلسفة الحديثة ) دار القلم – بيروت، بدون تاريخ.

7- جورج لوكاكش (تحطيم العقل) في 4 أجزاء، ترجمة الياس مرقص . دار الحقيقة بيروت، ط 2- 1983 م

8- جان قال (الفلسفة الفرنسية : من ديكارت حتى سارتر) ترجمة فواد ككامل، مراجعة د. فواد زكريا، دار الثقافة – القاهرة، بدون تاريخ.

9- علي عبد المعطي محمد (مقدمات في الفلسفة ) دار النهضة العربية – بيروت ،ط1، 1985 م.

10- علا مصطفى أنور (علاقة الفلسفة بالعلوم الإنسانية ) “دراسة في فلسفة ميرلوبنتي “دار للنشر والتوزيع- القاهرة، ط 1، 1994م.

11- زكريا إبراهيم : دراسات في الفلسفة المعاصرة ،مكتبة مصر 1968 م.

[1] د.صلاح شنيب -عضو هيئة تدريس بقسم الفلسفة كلية الآداب والعلوم زليتن – جامعة المرقب

يقول زكريا إبراهيم في كتابه (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) تحت عنوان ( الوجود في العالم ): (يأخذ هيدجر عن استاذه هوسرل فكرته عن ” الإحالة ” على اعتبار أن الوعي هو دائما شعور بشيء فتراه يأبى أن يتصور الوجود البشري على أنه ذاتية ” مغلقة على ذاتها بلي يتصوره على أنه موجه منذ البداية نحو العالم الخارجي فالوجود البشري حقيقة متفتحة على الوجود العام و هو

[2]بوخنسكي ( تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 246 ، و محمد الفندي ( مع الفيلسوف ) ص 129 .

[3]رجب أبو دبوس ( مشكلات فلسفية ) ص 35 ، ( إنه مشروع في تطور الإكتمال أبدا … التواجد نحو المستقبل ) بكل عواطفه و وجوده و ميوله و مقاصده – نحو العالم الخارجي ، و الواقع أن ” الوجود” لا ينكشف للإنسان على صورة ” موضوع ” تأمله بل ينكشف له منذ البداية على صورة توتر يثير في نفسه الإهتمام و الهم ،ص 227). منشورات مكتبة مصر- القاهرة ( بدون تاريخ ).

[4]انظر جورج لوكاكش (حطيم العقل )ص 82، و انظر+ غانم الهنا ( الموسوعة الفلسفية العربية )ص 515 ،م2،ط 2، ط 1، 988 1 م معهد الإنماء العربي.

[5] بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا )ص 248، زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة )ص 437.

[6]انظر جورج لوكاكش (تحطيم العقل )ص 82، و انظر+ غانم الهنا ( الموسوعة الفلسفية العربية )ص 515 ، م 2، ط 2، ط 1، 1988 م معهد الإنماء العربي.

[7] بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا )ص 248، زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة )ص 437

[8] رجب أبو دبوس (مشكلات فلسفية )… مشكلة الوجود ، ص 13 ط 3.

[9] روزنتال و آخرون (الموسوعة الفلسفية السوفيتية ) ت. سمير كريم . دار الطليعة بيروت ،ط 6. ص 336.

[10]جميل صليبا : المعجم الفلسفي : دار الكتاب العربي اللبناني ط 1988 م بيروت . ص 558.

[11]ابن سينا (النجاة ) تحقيق د. ماجد فخري . دار الأفاق الحديد ط.1.1985م ص 236 ، و انظر (مصطلح الوجود) غانم هنا . الموسوعة الفلسفية العربية “م 2 ط 1.1988 م معهد الإنماء العربي بيروت .

[12] جميل صليا (المعجم الفلسفي) ص 558 ، و ص 559.

[13] خرجت الوجودية و الماركسية كرد فعل عن التيار العقلاني الذي قاده (هيجل 1770 – 1830 م (فظهرت ثلاث كتب تعبر عن ارهاص عصر جديد ، هي مبادئ فلسفة المستقبل – لفورباخ ، و نقد فلسفة هيجل – لماركس ، و إما .. أو .. – لكيركجورد ، و لمزيد من التوسع انظر أمام عبد الفتاح (كير كيجور رائد الحرية )ص 7،8 ، دار الثقافة ، القاهرة ، ط 1 ، 1982م .

[14] روزنتال (الموسوعة الفلسفية )ص 577.

[15]مجاهد عبد المنعم مجاهد (هيدجر راعي الوجود) ص 15 ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، بدون ذكر تاريخ الطباعة ، 1988 م.

[16]غانم الهنا (الموسوعة الفلسفية العربية) ص 1504 ، معهد الإنماء العربي ، م 2- ج 2، ط 1- الوجودية ، 1988 م.

[17]روزنتال و آخرون (الموسوعة الفلسفة السوفيتية ) ص 577.

[18]رونتال و آخرون الموسوعة الفلسفية السوفيتية ص 504.

[19] رجب أبو دبوس (ما الفلسفة ) ص 52 ، الدار الليبية للنشر و التوزيع و الإعلان ط 1/ ط أولى – الحرث 1434 م – سرت.

[20]جان بول سارتر (الوجودية نزعة إنسانية ) نقلا عن موريس كرانستون في كتابه – (سارتر بين الفلسفة و الأدب) ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد ، الهيئة المصرية للكتاب ، ط أولى ، 1981 م ، ص68.

[21]جان بول سارتر (الوجودية نزعة إنسانية ) نقلا عن موريس كرانستون (سارتر بين الفلسفة و الأدب ص 68.

[22]رجب أبو دبوس ( مشكلات فلسفية ) ج 3، ص 35 .

[23] روزنتال و آخرون (الموسوعة الفلسفية السوفيتية ) ص 565.

[24]نفس المرجع و نفس الصفحة.

[25]جورج لوكاكش (تحطيم العقل) ص 102 .

[26]بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 252

[27]روزنتال و آخرون (الموسوعة الفلسفية السوفيتية ) ص .565

[28]زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 418.

[29]انظر مارتن هيدجر (نداء الحقيقة ) ترجمة عبد الغفار مكاوي ، ص 231.

[30]انظر الميثا ( هيرافليطس) الشذرة السادسة عشر من نفس المصدر السابق ص 361.

[31]بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 250.

[32]نقلا عن عبد الرزاق الدواي (موت الانسان) دار الطلبة بيروت ط1 1992 م.

[33]المرجع نفسه ص 44،(*) انظر ( على حرب- مجلة الفكر العربي – العدد 57، السنة العاشرة ، معهد الإنماء العربي ، بيروت )

[34] زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 425.

[35] انظر أميرة مطر (فلسفة الجمال) ص 186 .

[36] زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 425.

[37] انظر مقدمته في ترجمته لكتاب مارتن هيدجر (نداء الحقيقة ) ص 49، تحت عنوان (الأنية وجود في العالم ).

[38] انظر زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ص 427 ، و بوخنيسكي (تاريخها لفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 253، و مارتن هيدجر (نداء الحقيقة ) ص 61 .

[39] زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ص 430.

[40]بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 254، و انظر مقدمة عبد الغفار مكاوي في ترجمته لنداء الحقيقة ص 61 .

[41]بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 254 ، و انظر كذلك مقدمة عبد الغفار مكاوي في ترجمته لنداء الحقيقة (لمارتن هيدجر) ص 61

[42] زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة في المعا صرة) ص 427.

[43] المرجع نفسه ص 431.

[44] محمد ثابت الفندي (مع الفيلسوف) ص128 .

[45]جورج لوكاكش (تحطيم العقل) ص 80

[46] عبد الرازق الداوي (موت الإنسان في الخطاب الفلسفي المعاصر ) نص لهيدجر في حوار أجري معه سنة 69 م ص 65.

[47] انظر بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 226 و لنا عودة

[48]زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص .

[49] انظر تقدمة د. عبد الغفار مكاوي في ترجمة كتاب مارتن هيدجر (نداء الحقيقة ) ص 13 .

[50]ما رتن هيدجر ( الوجود و الزمان) نص منقول عن مجاهد عبد المنعم مجاهد (هيدجر راعي الوجودية ) ص 87.

[51] مقدمة د. عبد الغفار مكاوي في ترجمة كتاب مارتن هيدجر (نداء الحقيقة ) ص 13، زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 432، و يحيى هويدي (دراسات في الفلسفة الحديثة المعاصرة ) دار الثقافة ط 1991 .1م ، ص 448، 447

*انظر رجب أبو دبوس (محاضرات في الفلسفة المعاصرة )، هيدجر، دار الأنيس للطباعة و النشر مصراته ليبيا ط 1.96 م، ص 79.

[52] بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 258 .

[53]ز كريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 436.

[54]رجب ابو دبوس (محاضرات في الفلسفة المعاصرة ) ص 81.

[55] محمد ثابت الفندي (مع الفيلسوف) ص 65، يقول ابكيت الراقي : “تتبع الفلسفة من شعورنا بالضعف و العجز “، إني أعلم أن ما ولد يموت ذلك قانون عام فلابد أن أموت ص 70.

[56]أسطورة جلجامش

[57]زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 438

[58] رجب ابو دبوس (محاضرات في الفلسفة المعاصرة )- هيدقر- ص 81.

[59] زكريا إبراهيم (دراسات في الفلسفة المعاصرة ) ص 444.

[60]بوخنيسكي تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص260.

[61] المرجع السابق ص 263. بوخنسكي : تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا : ص 263.

[62] موريس كرانستون (سارترين الفلسفة و الأدب) ص 3. 23، 101, 51 .

[63] روزنتال ( الموسوعة الفلسفية ) ص 238، و لمزيد من التوسع ، يحي هويدي (نحو الواقع ، مقالات فلسفية ) ص 26، دار الثقافة ، القاهرة ط 1-1986 م.

[64]بوخنسكي ( المرجع السابق و نفس الصفحات)

[65]بوخنسكي ( المرجع السابق و نفس الصفحات)

[66]بوخنسكي : تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا ص263 .

[67] روزنتال و آخرون ( الموسوعة الفلسفية السوفيتية ) ص 238.

[68] انظر ما سبق شرحه في هذا البحث (نص عن : الوجود و الزمان)

[69] معنى الوجودية ” جان بول سارتر” نقلا عن مصطفي غالب ” سارتر” ص 83، و انظر جان فان( الفلسفة الفرنسية من دكارت إلى سارتر) ص 66 ترجمة فواد كامل ، مراجعة فواد زكريا – دار الثقافة – القاهرة – بدون تاريخ.

[70]بوخنيسكي (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا) ص 267.

[71]انظر مقدمة عبد الغفار مكاوي في ترجمته (لنداء الحقيقة ) لمارتن هيدجر ص 51، وأميرة مطر (فلسفة الجمال) ص 186 .

[72]معنى الوجودية ” جان بول سارتر” نقلا عن مصطفي غالب ” سارتر” ص 83

[73] معنى الوجودية لجان بول سارتر نقلا عن مصطفي غالب – سارتر- ص 38 .

[74] المصدر السابق ص 24

[75] أميرة مطر (فلسفة الجمال) ص 186 .

[76] المرجع نفسه ص 7 18

[77] انظر الفصل الثالث / المبحث الثالث من هذا البحث ( هيدجر و الوجود مع الأخرين ) ص 25.

[78]بوخنسكي (تاريخ الفلسفة في أوروبا) ص 271.

[79]مورشى كرانستون (سارتر بين الفلسفة و الأدب ص 105 و و غانم الهنا ( الموسوعة الفلسفية العربية ) ص 1514 .