مقالة حول الفلسفة الاسلامية , ومجالاتها المختلفة
[emaillocker id=2180]
ولا ينبغي أن ندهش كثيرا لهذا التنوع الشديد في الفلسفة الإسلامية لأنة كان الطابع المميز للثقافة الموسوعية لدى علماء المسلمين فقلما نجد واحدا منهم اقتصرت جهوده على مجال واحد وإنما تنوعت في أكثر من مجال ويكفى أن نستشهد في هذا الصدد بالغزالي (ت505ه-111م) الذي كتب في الفلسفة التقليدية والمنطق وعلم الكلام والفقه وأصول الفقه والتصوف والإخلاص وكان ابن رشد (595ه-1198 م)طبيبا وفيلسوفا وفقيها.
[/emaillocker]
[emaillocker id=2180]
ومن الجدير بالملاحظة أن هذا التنوع في المجالات لدى العلماء المسلمين لم يشتت اهتمامهم بالموضوع الواحد الذي يتناولونه بل كان الأمر على العكس ولعلة كان دافعا – في الوقت نفسه – إلى السيطرة علية والتميز فيه ويمكن أن نستشهد هنا بابن حزم (546ه /1063م) الذي كتب في كل من الفقه وأصول الفقه ومقالات الفرق ومقارنة الأديان والأخلاق والمنطق والتاريخ والأنساب …وفى كل مجال هذه المجالات مازال يعتبر مرجعا أساسيا لدى المتخصصين فيه.
[/emaillocker]
[emaillocker id=2180]
وملاحظة أخرى هي أن هؤلاء العلماء الموسوعيين لم يشعروا في أية لحظة بالحدود الفاصلة بين مجالات المعرفة التي تناولوها على النحو الذي نشعر بت الآن ومن ثم فإننا لا نجد لديهم أي أثر من آثار التعارض أو الانفصال بل نجد بالأحرى إحساسا واضحا بالتكامل بين هذه المجالات المتعددة ([1]) .
وإذا كانت تجربة الغزالي في المنقذ من الضلال تكشف عن بعض نواحي القصور في مجالات المعرفة الإسلامية([2]) فإنها تظل على الرغم من ذلك معبرة عن حقيقة هامة وهى أن هذه المجالات تمثل مستويات مختلفة للوصول إلى الحقيقة الكبرى التي كان الغزالي يسعى إلى بلوغها .
[/emaillocker]
[emaillocker id=2180]
إن قضية “المجالات” التي تفرض نفسها على دارسي اليوم لم تشغل بال المستشرقين الذين سبقوا الباحثين المسلمين إلى دراسة الفلسفة الإسلامية في القرن التاسع عشر وذلك لسبب بسيط هو أن هؤلاء المستشرقين قد اتجهوا مباشرة إلى مجال واحد وهو مجال الفلسفة التقليدية ذات الاستلهام اليوناني لكنهم بالتدريج ومع اكتشاف مخطوطات جديدة بدئوا يدركون أهمية مجال علم الكلام ثم كان التصوف أخيرا هو المجال الذي انتزع إعجابهم ونال حظا وفيرا من عنايتهم بحوثهم([3]) .
ومن المعروف أن النصف الأول القرن العشرين شهد مولد النهضة الإسلامية في البلاد العربية وقد واكبتها يقظة فكرية تمثلت في وعى الدارسين المسلمين بمواطن القوة في تراثه الفلسفي ولا يمكن في هذا الصدد إغفال الجهد الصادق الذي قام بت الشيخ مصطفى عبد الرازق في توجيه مجموعة من خبرة التلاميذ([4]) لتحديد مسار الفلسفة الإسلامية ([5]) يمثل نقطة تحول هامة في تاريخ الدراسات الحديثة.
[/emaillocker]
[emaillocker id=2180]
وعلى الرغم من أن الكتاب السابق يقترح إلحاق علم أصول الفقه بالفلسفة الإسلامية نظرا لطابعة الفلسفي الواضح فإن إجماع الدراسيين لم يتم حتى الآن بالنسبة إلى تحديد إطار هذه الفلسفة
فمازال هناك من يستبعد بعض المجالات التي يعتبرها البعض الآخر من صميم الفلسفة الإسلامية([6]) كما أن هناك من يتردد في تحديد هذه المجالات والتصريح بعددها([7]) .
ومن أهم الأسباب التي تؤدى إلى عدم الحسم في هذه القضية أن كثيرا من مجالات الفلسفة الإسلامية ذاتها مازال راقدا في دائرة الظل ولا يلقى أدنى اهتمام كما سنشير إلى ذلك في موضعه كذلك فإن تقدم الدراسات الفلسفية الحديثة لدى المسلمين متوقف على ما يكتشفونه من مخطوطات جديدة ولا شك أن في كل مخطوط يتم تحقيقه ونشرة يضيف مادة جديدة إلى المجال الذي ينتمي إلية ويؤكد بالتالي دورة في بنية الفكر الإسلامي.
[/emaillocker]
[emaillocker id=2180]
ومن ناحية أخرى فإن الاطلاع على المذاهب الفلسفية في الغرب يعتبر شديد الأهمية لجلاء المذاهب الفلسفية الأصلية لدى مفكري الإسلام أنفسهم وهنا يأتي دور الدراسات المقارنة التي تتيح للفكر الإسلامي أن يأخذ مكانة اللائق في تاريخ الثقافة العالمية وقد أجريت في هذا الصدد دراسات قليلة لكنها على جانب كبير من الخصوبة حول ابن رشد وتوماس الأكوينى([8]) وابن عربي واسبينوزا تارة([9]) ولبينت تارة أخرى([10]) وابن خلدون وجان جاك روسو([11]) وهى دراسات أظهرت بجلاء أصالة مفكري الإسلام وتفوقهم أحيانا على مفكري الغرب.
على أننا سنذكر هنا أهم مجالات الفلسفة الإسلامية كما تبدو لنا بصرف النظر عن اتفاق الدارسين أو عدم اتفاقهم حول تحديد مجالاتها مع الإشارة في كل مجال منها إلى ما حظي بت من عناية أو مايلقاة من إهمال: