خصائص الفلسفة المعاصرة : ومميزات الفكر الفلسفي المعاصر

·

·

,

التمرد علي النزعة المثالية :

[emaillocker id=2180][/emaillocker]- التمرد على النزعة المثالية الذي عبر عن نفسه في أشكال عديدة من التفكير سادت في الفلسفة المعاصرة: الماركسية، الوضعية، الفلسفة التحليلية، البراغماتية، الوجودية وغيرها من المذاهب. ولعل هذا التمرد هو في حقيقته رد فعل وثورة على النزعة العقلية بوجه عام. وكان من نتائج رفض الفلسفة المثالية أن أصبح الاتجاه إلى الواقع وإلى الإنسان أمرا طبيعيا. فنزع كثير من الفلاسفة المعاصرين إلى الواقعية، وترتب على هذا نقد فكرة المطلق لدى معظم الفلاسفة، وازدياد الاهتمام بالإنسان الفرد.
[emaillocker id=2180][/emaillocker]

– أصبحت الفلسفات المعاصرة أكثر ارتباطا بالعلم:

وظهر ذلك في اعتماد المنهج العلمي، والاستعانة بنتائج العلوم الطبيعية والنظريات العلمية. وإن كان الاهتمام بالمنهج يعود إلى ديكارت وهيوم، إلا أن هذا العصر نجح كثيرا في تحليل المفاهيم، وتصنيف أشكال التفكير والتحرر من الميتافيزيقا التقليدية، التي كانت محل نقد شديد من طرف أغلب الفلاسفة.

– العودة إلى الإنسان كموضوع خصب للدراسة:
وكانت الحاجة شديدة إلى ذلك. هذه الحاجة التي لم تشبعها فلسفة «هربرت سبنسر» المادية، أو أفكار المثاليين. وكانت النهضة العلمية السابقة على هذا العصر قد هبطت بالإنسان إلى مستوى الموضوع، فأصبح بعدئذ إشكالا مستمرا بالنسبة إلى نفسه. وصاحب هذا الاهتمام بالإنسان الاهتمام بما هو عيني بدلا من الإيغال في عملية التجريد أو الإغراق في المثالية المطلقة.

ولم يصبح موضوع الفلسفة الطبيعة والعقل، إنما الإنسان في وجوده الحقيقي المشخص. لكن الذي ينبغي التنبيه إليه أن الإنسان الذي أصبح مصدر بحث ودراسة ليس هو الإنسان كما كان يتصوره «ديكارت» في «تأملاته»، يتشكل على نحو منهجي من أجزاء يضاف بعضها إلى بعض، إذ يأتي التفكير أولا ثم الروح المتحدة بالبدن والأهواء، إنما هو إنسان قذف به في منحى معين من الكون بعظمته وبؤسه. وصار يبدو في نظر نفسه مشكلة من المشاكل.

 

[emaillocker id=2180][/emaillocker]

الإنسان في الفلسفة الحديثة بدء من ديكارت هو الإنسان المجرد الذي يكاد ينقطع عن تاريخه وصلاته بالآخرين، وعلاقاته. وعلى ذلك انصبت أبحاث الفلاسفة على تعديله أكثر من تركيز اهتمامهم على معرفته. ففلسفات التاريخ السابقة خاصة لدى هيجل تتجاهل الفرد. وان اهتمت ببعض العظماء الذين تمكنوا من تحديد المراحل التاريخية، فإنها نظرت إليهم على أنهم ممثلين لأفكار، لا مجرد أفراد.

لقد غابت في هذا العصر النظرة إلى التاريخ على أنه نوع من الحقائق العلوية المفروضة على الأفراد بشكل يحدد طريقة سيرهم في الحياة، وتعتبرهم مجرد أدوات تنفذ بها أهدافها. وظهرت آراء تتخذ الحاضر أساسا لبناء الأفكار لا المستقبل كما هو الحال لدى «كروتشه». فالأولى أن يخلق المرء شعوره الخاص، وتفكيره الخاص، بل إن النظرة إلى الزمن تحولت من النظرة المسيحية التي تجعل حاضر الإنسان محصورا بين الماضي والمستقبل، ومن ثم يفقد استقلاله بذاته، إلى النظرة التي تعتبر الزمن الحاضر الحافل بالماضي والمتجه نحو المستقبل هو البنية الحقيقة للزمن، أو ما يعرف بالزمن الإنساني على حد تعبير «هيدجر».

[emaillocker id=2180][/emaillocker]

ورغم وجود حالة اتصال واستمرار في الفكر في هذا العصر مع الذي يليه، إلا أن هناك مفكرين كبارا كان لهم فضل في ظهور أفكار جديدة انتشرت وذاعت.
يقول بوشنسكي: «وبعض هؤلاء المفكرين ونقصد برجسون على الأخص وهسرل إلى حد ما أصبحوا بالفعل موضع التكريم الكبير» (19).
ويضيف في موطن آخر: «ثم يأتي بعد ذلك مذهبان قطعا كل حبال الاتصال مع القرن التاسع عشر الميلادي وهما فلسفة الحياة وفلسفة الماهيات والفينمومينولوجيا» (20).

 

 

أبرز سمات فلاسفة الحياة :[emaillocker id=2180][/emaillocker]

ولعل أبرز سمات فلاسفة الحياة أنهم ينأون بعيدا عن النزعة الميكانيكية بقدر ابتعادهم عن النزعة المثالية. فلا يوجد عندهم إلا الحركة والصيرورة. وكان «برغسون» أكثر التعبير عنهم. فهم يرفضون التصورات والقوانين القبلية والاستنباطات المنطقية. ولا يرضون للفلسفة أن يكون منهجها هو المنهج العقلي إنما منهجها «الحدس» والنشاط والفهم الحي للتاريخ. وهذا يقودنا إلى البحث في الحدس في النسق المعرفي.

المصادر:

 

14) رينيه مونييه. البحث عن الحقيقة. ترجمة هاشم الحبيسي، منشورات دار مكتبة الحياة لبنان، 1985. ص 39

 

 

 

15) الإشارة هنا إلى نظرة أوجست كونت إلى الظواهر الاجتماعية على أنها أشياء

 

 

16) فرويد. قلق في الحضارة. ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة بيروت، ط4، 1996. ص73

17) فرويد. تفسير الأحلام. ترجمة مصطفي صفوان، مراجعة مصطفى زيور، دار المعارف، القاهرة. ص595-594

18) نتشه. الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي. تقديم ميشل فوكو، تعريب د/سهيل القش، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، 1982. ص41

19) بوشنسكي. الفلسفة المعاصرة في أوروبا. ترجمة عزت قرني، سلسلة عالم المعرفة 1992. ص 48

20) المرجع نفسه. ص 56