مابين السبكي ومسرح مصر يقف ..صاحب “الفضيلة الضاحكة ” الفنان محمد صبحي ..بقلم عبدالحميد كرم

·

·

صاحب الفضيلة الضاحكة

   

عبدالحميد كرم

إننا نحيا في عالمٍ انتفت فيه مظاهرٌ شتي من الجماليات الفنية والتي كانت توقظ بداخل أرواحنا أشواق الحنين , وتبعثر حروف الأمل والأنين داخل أوتار قلوبنا تارة ,وتارةً أخري تنشر بداخلها أزهار الربيع.. وبهاء قطرات الندي علي أغصان الشجر مع الصقيع .


كنا نحيا مابين “عود” فريد وحنان تغريد العندليب وجلال آهات أم كلثوم كل أخر خميس .. كان كل منا يقول “قلبي دليلي قالي هتحبي ” وفي كل شهر علي الدوام نذهب في إجلال إلي المسرح القومي نجلس بالساعات أمام العمل الفني الذي  يبكينا ويضحكنا ويبقى أثرة في تعاملاتنا فكلما أردنا أن نخطأ تذكرنا عاقبة الفنان عادل خيري في مسرحية الا خمسه “سليمان الزعفراني ” والذي سعي وراء الكنز المذهب داخل أسوار القصر القديم .. ولكنه اكتشف آخرا أن لا بقاء الا للشرف والكفاح وكل خطأ وطمع مصيره إلي الفناااء ..
هذه بعض المظاهر الجمالية التي استبدلناها بمظاهر الخزي والعار والتي ترعرعت إلي ما نشهده الآن .. فتبدل عود فريد بدرامزات  فيجو وذهب تغريد العندليب واتي نعاق شعبان البغبغان  ودفنت روح علي الكسار وولدت تفاهة علي ربيع .. واستبدلنا مسرح مصر القومي بتياترو مصر الهزلي .

وبين هذا وذاك(حالنا قبل اليوم وواقعنا الحالي ) كانت الحركة الوهابية تعمل باقصي جهد لها داخل الأقطار العربية وانشئوا لنا ما سمي زورا وبهتانا بالصحوة الإسلامية  فاضحي تغريد العندليب حرام وأصبحت السينما فجوور وأضحت الموسيقي مزامير الشيطان  وبات الحب محرما وهدم المتاحف محللا وفجأة غدت المرأة عورة والنقاب فريضة .. ولاعبدالناصر عاد زعيم بل كافر أثيم ..ولا السادات من اخرج بنو إسرائيل بل انه خائن عميل لهم وذليل.
 وانكمش الإسلام في لحيةٍ وثوب قصير ومشيٌ مع القطيع كالبعير ونجيب محفوظ صاحب فن الرواية الكبير  وفرج فوده صاحب فن القلم الخطير  مالهم منه الا التكفير  ..
 ولكن العجيب أنهم فتلو فينا الفن المهيب حين ظنوا أن الإسلام عابث الوجه مريب كئيب .

وبين هذا وذاك وذالك كان هنالك أسدا مغوار أصلع الرأس منبت الأفكار ضعيف النظر شديد الرؤية والاستبصار انه فردا يعادل جيشا مجهزا بالعتاد يحارب الخزي والعار بالأفكار وبالمسرح كان يعاند الأقدار وفي السينما كان ينقد كل جباار لم يرتضي هوان الفن ولم يرتجف وينوي الاستتار بل  حارب من كان ينوي بالفن الاستعمار باقوي أسلحة تفتت أي دمار سلاح الفضيلة والأخلاق والاحترام مع الضحكة والأنس وصفاء الروح من الاختصام …فوالله انه لحقا صاحب الفضيلة الضاحكة.

نعم لقد وقف الجندي الفنان “محمد صحبي ” أمام شتي محاولات هدم الحاسة الذوقية للجمال بداخل الفن المصري حارب جاهدا ضدد الفن اللامغزوي واللارسائلي وحارب كل الوان الاستعمار الفني التدميري من قبل ابناء الصحوة الإسلامية ومن قبل القوي العالمية والتي كانت تريد بهذا المجتمع ان ينحل عن رابطة أساسيه لتقدم ورقي المجتمعات وهي رابطة تذوق الجمال الهادف .